واشنطن - من حسين عبدالحسين
بعد 79 يوماً على تسجيل الولايات المتحدة أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، انحسر الذعر الذي سيطر على غالبية الأميركيين، خصوصاً في ولاية نيويورك، من إمكانية حدوث «تسونامي» في أعداد المصابين ممن يتوجهون إلى المستشفيات، من دون أن تكون لديها استعدادات كافية لاستيعاب أعداد المصابين المتزايدة.
وفي اطلالته اليومية، أعلن حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو أن نسبة الزيادة في الإصابات الجديدة تنخفض، وكذلك انخفضت نسبة المصابين ممن يفدون المستشفيات الى ما دون السبعة في المئة يومياً، بعدما كانت تتزايد بواقع 20 في المئة يومياً الأسبوع الماضي. وفي الولاية حالياً 6500 جهاز تنفس اصطناعي، 4500 منها مشغولة، وهو ما يعني أن الولاية ستكون مستعدة لأي إصابات جديدة، خصوصاً أن كان «يوم الذروة» قد مرّ فعلياً.
وتظهر الأرقام المتواترة من معظم الولايات أن إجراءات التباعد الاجتماعي والإقفال نجحت في السيطرة على الفيروس، وأن أرقام المصابين تتصاعد، ولكن بوتيرة أقل، على غرار ما يحصل في إيطاليا وإسبانيا.
على أن التقارير المقلقة في التنامي المتصاعد في أعداد الإصابات تأتي من مجموعات الأفارقة الأميركيين. وكانت إشاعة انتشرت بين هؤلاء مفادها بأن فيروس كورونا المستجد هو فيروس لا يصيب السود، وهو ما أدى الى عدم التزامهم بتوصيات التباعد الاجتماعي، ما أدى بدوره الى انتشار الوباء بين صفوفهم بنسب أعلى من نسب الأميركيين من الأعراق الأخرى. وتجاوز إجمالي الإصابات في الولايات المتحدة الـ400 ألف، فيما قارب عدد الوفيات الـ13 ألفاً.
ومع انحسار الذعر من إمكانية عدم استيعاب الجهاز الصحي لأعداد المصابين، عادت المناكفات السياسية، فأطلّ الرئيس دونالد ترامب في مؤتمره الصحافي، ليل الثلاثاء، ليتباهى بأدائه وإدارته في التصدي للفيروس، وعزا لنفسه الفضل في منع السفر الوافد من الصين، وهو ما أدى برأيه الى خفض عدد الإصابات في الولايات المتحدة، مقارنة بأوروبا التي لم تمنع السفر فعانت من تفشي الوباء بين سكانها.
وقال ترامب: «وصفوني بالعنصري والمتعصب، وقالوا إني لا أحب الصينيين كشعب، وأنا أحبهم».
وأشار الرئيس الأميركي الى تصريح للمرشح الديموقراطي للرئاسة، نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي أثنى في مقابلة على قرار ترامب بمنع السفر من الصين. لكن بايدن كان اعتبر أن ترامب تأخر في كل الإجراءات الأخرى.
لكن تباهي ترامب بمنع السفر من الصين يجافي الحقيقة، فالولايات المتحدة لم تكن من أوائل الدول التي حظرت السفر. حتى إيطاليا، إحدى أكثر الدول معاناة من الفيروس، فرضت حظراً تاماً على كل السفر من الصين يوم 31 يناير، فيما أعلنت أميركا منع سفر الصينيين الى أميركا في 4 فبراير، وشاب المنع الأميركي استثناءات كثيرة. كما جاء منع ترامب السفر بعد قرابة أسبوعين من تشخيص أول إصابة في الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن إقفال الحدود جاء بعد وصول الفيروس الى البلاد، لا قبله.
وكرر ترامب التباهي بأن الولايات المتحدة أجرت أكبر عدد فحوص «كورونا» في العالم، إذ بلغت عدد الفحوصات مليونين ومئة ألف، ولكن مقارنة بمعدل السكان، ما يزال المعدل الأميركي 6200 لكل مليون نسمة، فيما المعدل في ألمانيا هو 10900 لكل مليون نسمة.
كما هدّد ترامب، بتعليق دفع المساهمة الماليّة في منظّمة الصحّة العالمية، مندّداً بطريقة إدارة المنظّمة الأممية لوباء «كوفيد - 19». وقال: «سنعلّق (دفع) الأموال المخصّصة لمنظّمة الصحّة العالمية».
غير أنّ الرئيس الأميركي ما لبث بعد دقائق من ذلك أن تراجع عن هذا الإعلان بقوله إنّه لم يقرّر تعليق الدفع بل ينوي فقط درس هذه الإمكانية. وأضاف أنّ المنظّمة «تبدو منحازة للغاية نحو الصين. هذا أمر غير صائب».
والولايات المتّحدة هي أكبر مساهم في تمويل منظمة الصحة العالمية.
والى محاولة تبييض صورته وادائه، وتوجيهه سهام النقد للديموقراطيين، انخرط ترامب في المعركة القائمة بين الحزبين حول انتخابات ولاية ويسكونسن التمهيدية، أول من أمس، في حين تخلى السناتور المستقلّ بيرني ساندرز، عن السباق إلى البيت الأبيض، مقدّماً الفوز بانتخابات الحزب الديموقراطي التمهيدية لبايدن الذي سيواجه ترامب في انتخابات نوفمبر المقبل.
وتعهد ساندرز (78 عاماً) العمل مع بايدن، واصفاً إياه بـ «الرجل الجدير بالاحترام».
وبات من المؤكد أن بايدن (77 عاماً) سيواجه الرئيس الجمهوري في الثالث من نوفمبر. إلا أنه يُفترض أن يسمّيه الحزب الديموقراطي رسمياً مرشحاً أثناء مؤتمر أُرجئ موعده إلى أغسطس.
وبذلك ينهي ساندرز، الذي كان يقود حملة يسارية بوضوح، محاولته الثانية للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي بعد سلسلة هزائم مقابل بايدن.
وكان سناتور ولاية فيرمونت، خسر في الانتخابات التمهيدية أمام هيلاري كلينتون عام 2016.
وفي ويسكونسن، جرت ليل الثلاثاء - الأربعاء، انتخابات تمهيدية للحزبين الديموقراطي والجمهوري، فضلاً عن انتخابات خاصة بالولاية.
ويعتقد الديموقراطيين، الذين عرضوا على الجمهوريين التصويت بالبريد لتفادي اجبار المواطنين على الاصطفاف شخصياً امام محطات الاقتراع، لكنهم رفضوا ذلك، أن فرص الجمهوريين ترتفع عندما تنخفض نسب الاقتراع، خصوصاً ان غالبية الناخبين الجمهوريين من ميسوري الحال، ما يمكنهم من ارتداء الكمامات الواقية والقفازات، وتالياً الذهاب الى الاقتراع شخصياً، فيما قاعدة الديموقراطيين في غالبيتها من الطبقات الاقتصادية الأدنى، مع ما يعني ذلك من حرمانها لأدوات الوقاية، وتالياً إحجامها عن التصويت.
وغالباً ما يلجأ الجمهوريون الى التشدد بقوانين الانتخاب فيفرضون على المقترعين تجديد صلاحية هوياتهم الوطنية أو اجازات القيادة، وهذه تتطلب رسوماً يمكن للقاعدة الجمهورية تسديدها أكثر من الديموقراطيين. هذه المرة، رأى الجمهوريون في الفيروس فرصة سانحة لكبح جماح الديموقراطيين، وتالياً التفوق عليهم في صناديق الاقتراع.
وعند سؤال أحد الصحافيين عن سبب رفض الجمهوريين تأجيل الانتخابات، أو على الأقل رفض الانتخابات بالبريد (وهي وسيلة معتمدة في كل الولايات)، أجاب ترامب بأنه يعتقد أن عملية التصويت عبر البريد مزوّرة وقابلة للتلاعب من قبل القيمين عليها.
وكان ترامب نفسه صوّت بالبريد في انتخابات 2018.
المواجهة مع الفيروس لم تنته... لكن الرئيس والجمهوريين أصبح اهتمامهم منصباً أكثر على إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية في نوفمبر المقبل، وحتى ذلك الوقت، محاولة اقتناص أي مقعد في أي دائرة انتخابية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق