| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
بلغت المواجهة بين أعضاء في الكونغرس ومسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما مراحل غير مسبوقة وصلت حد التجريح الشخصي، في وقت تعالت الاصوات الداعية الى تدمير القوة الجوية والصاروخية للرئيس السوري بشار الاسد، بضربات سريعة وموضعية، ومن دون شن حملة عسكرية جوية كاملة.
الهجوم السياسي الذي شنه المشرعون الأميركيون، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، استمر طوال اول من امس، وجاء خلال اربع جلسات استماع ماراثونية، كانت أشدها تلك التي عقدتها «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ، وخصصتها للوضع في سورية، وحضر فيها من جانب الحكومة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى اليزابيث جونز، والسفير السابق في دمشق روبرت فورد.
الديبلوماسيان الأميركيان التزما الرواية الرسمية للادارة، فحذرا مما اعتبراه خطر المجموعات الاسلامية المتطرفة، ومن استفحال ازمة اللاجئين السوريين داخليا وفي البلدان المجاورة. كما شددا على ضرورة الالتزام بالعملية السياسية الانتقالية كحل وحيد للأزمة.
ولفت فورد الى ان بلاده قدمت اكثر من 350 مليون دولار، وهو اكبر مبلغ تقدمه دولة مانحة، كمساعدات انسانية ووسائل غير قتالية للمعارضة، مثل وسائل الاتصال ووجبات الطعام الجاهزة.
وكانت صحف أميركية تحدثت عن مساعدات أميركية غير قاتلة للثوار السوريين تتضمن سترات واقية ضد الرصاص ومناظير ليلية. وقال فورد ان المعارضة اعربت عن امتنانها للمساعدات الأميركية.
الا ان السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين انتفض ضد فورد، وقال انه زار مخيمات اللاجئين والتقى قيادات في المعارضة، وانه سمع منهم «مرارتهم» بسبب ندرة المساعدات. وتابع ماكين: «أليس من المفروض ان نفعل شيئا من اجل وقف المذبحة الجماعية الدائرة؟»
وأجاب فورد ان الرئيس بشار الأسد خسر مساحات واسعة من الاراضي التي كان يسيطر عليها لمصلحة الثوار، فقاطعه ماكين قائلا: «نعم، هناك تراجع (للاسد)، ولكن كم من الوقت سيأخذ (انهياره)؟ وكم يجب ان يموت من البشر حتى يحصل ذلك؟ وكم (من السوريين) يجب ان يتم تعذيبهم؟»
ثم حاول ماكين توجيه سؤال الى فورد حول امكانية نجاح العمل العسكري، فما كان من الاخير الا ان اجابه: «انا اقتصادي ولست خبيرا استراتيجيا عسكريا». فردّ ماكين: «انتظر قليلا، يفترض ان تعرف انت الوضع على الارض... كنت السفير هناك، واذا كان اي واحد مفروض ان يعرف ماذا يجري في سورية، فهو انت».
واضاف السناتور الجمهوري: « تقول لي انك خبير في الاقتصاد، ربما كان من الافضل لك ان تعمل خبيرا اقتصاديا في وزارة الخارجية، لا كشخص الارتكاز المعني بسورية». وتوّج ماكين هجومه الساحق على مسؤولي الادارة بخروجه من الجلسة فيما كانت جونز في معرض حديثها للرد على احد اسئلته.
كما كان لافتا في الجلسة ان الاعضاء من حزب اوباما الديموقراطي لم يهبوّا، كما هي العادة، للدفاع عن المسؤولين الحكوميين او عن سياسة أميركا في سورية، بل انضموا الى زملائهم الجمهوريين في المطالبة بوضع حد لما اعتبره بعضهم كارثة انسانية. اما ابرز الديموقراطيين، في هذا السياق، فكان رئيس اللجنة السناتور روربرت مينينديز، الذي حثّ الادارة على ضرورة تسليح الثوار.
ماكين سطع نجمه ايضا في جلسة استماع مشابهة عقدتها «لجنة القوات المسلحة» للمصادقة على تعيين الجنرال فيليب بريدلوف قائدا لـ «تحالف الاطلسي»، حيث طالب السناتور الجمهوري بشن ضربة تقضي على مقاتلات الاسد وصواريخه من دون القيام بالضرورة بحملة جوية كاملة.
وفي هذه الجلسة ايضا، انضم السناتور الديموقراطي المخضرم ورئيس اللجنة كارل ليفين الى ماكين في تعنيف بريدلوف وفي المطالبة بفرض حظر جوي.
ومع ان الحديث حول فرض حظر على مقاتلات الاسد ليس جديدا، الا انه عاد الى الواجهة بقوة في الاسابيع القليلة الماضية، وخصوصا بعدما بث برنامج «فرونت لاين» الشهير، على محطة «بي بي اس»، وثائقيا اظهر هول وفداحة الخسائر بين المدنيين التي توقعها عمدا غارات مقاتلات الاسد.
وكان بريدلوف حاول التقليل من اهمية الحظر، وقال انه متعذرا فرضه حصرا عن طريق نقل بطاريات باتريوت الست المنصوبة على الحدود التركية - السورية «الى داخل العمق السوري»، وان الامر سيتطلب مشاركة «مقاتلات (أميركية) وقدرات اخرى يفترض ان نحضرها لحل المشكلة».
وقال بريدلوف ان «القيادة الوسطى» للجيش درست فرضية الحظر، و«قالوا انهم في هذه المرحلة لا يرون قيمة عسكرية» في فرضه. لكن ليفين قاطعه طالبا التوضيح، فتراجع الجنرال، وقال انه سمع سلفه قائد «تحالف الاطلسي» الجنرال جايمس ماتيس يقول ان «لا خيارات عسكرية جيدة او نتائج (ايجابية) في اقامة منطقة حظر طيران». هنا انتفض ماكين، وقرأ النص الحرفي لما ورد في شهادة ماتيس امام اللجنة نفسها قبل اشهر، وجاء فيها انه «يمكن للولايات المتحدة وحلفائنا ان نحدد وندمر عددا لا بأس به من مقاتلات الاسد، وهي جاثمة على الارض، باستخدام ضربات دقيقة واسلحة مواجهة».
وفي جلستي استماع مشابهتين في مجلس النواب، شارك في واحدة مدير الاستخبارات القومية جايمس كلابر، وفي الأخرى وزير الدفاع تشاك هيغل. الاولى عقدتها «اللجنة الدائمة للاستخبارات» بمشاركة كلابر، الذي قال ان «السيناريو الارجح، حتى بعد سقوط الاسد، هو المزيد من التشقق، ان كان ممكنا استخدام هذه العبارة، (تشققا) جغرافيا وعلى اساس طائفي». واضاف كلابر ان الوضع سيستمر على هذا النحو «لفترة من الزمن... على الاقل سنة، او سنة ونصف». وحذر من خطر «المجموعات الاسلامية المتطرفة»، التي قال ان لها «حضورا في 13 من اصل 14 محافظة سورية». في الجلسة الثانية التي عقدتها «لجنة القوات المسلحة» في مجلس النواب، قال هيغل ان واشنطن لم «تكشف استخدام اي اسلحة كيماوية» في سورية حتى الآن، وان اي استخدام لهذه الاسلحة «سيضعنا في وضع مختلف».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق