| واشنطن – من حسين عبد الحسين |
من المتوقع ان يلقي الرئيس باراك أوباما، اليوم، خطابا في اكاديمية «وست بوينت» العسكرية المرموقة يعيد فيه تعريف اهداف سياسته الخارجية على إثر الانتقاد الواسع الذي لحقه في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا بعد الملاحظات الارتجالية التي ادلى بها في مانيلا قبل أسابيع وبدا فيها مرتبكا.
ولطالما اعتقدت الإدارات الأميركية المتعاقبة ان السياسة الخارجية، التي تمنح الرئيس صلاحيات أوسع بكثير من السياسات الداخلية، يفترض ان تساهم في زيادة شعبية الرئيس وحكمه، الا انها تبدو في حالة أوباما وكأنها تأكل من شعبيته ومن رصيده السياسي، وهو ما أجبره على محاولة تقديم وجه جديد لسياسته الخارجية، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر المقبل.
ويعتقد الخبراء ان أوباما هو أحد أكثر الرؤساء الذي يرسمون سياستهم الخارجية بناء على استطلاعات الرأي الشعبية، وبما ان مزاج الاميركيين اليوم هو أقرب الى العزلة والابتعاد عن شؤون العالم بعد حربين مضنيتين ومكلفتين في العراق وأفغانستان، فان الرئيس الأميركي يحاول اقصى ما يمكنه الابتعاد عن الازمات العالمية، مثل في سورية.
الا ان ابتعاد أوباما صار يظهره مرتبكا ويظهر اميركا ضعيفة، وهي صورة لا يحبذها الاميركيون، حتى لو كانوا يميلون الى ابقاء اميركا خارج شؤون العالم.
وحتى يتفادى الرئيس الأميركي النقد الكبير الذي تتعرض له سياسته الخارجية، عمد وافراد ادارته على التلويح بالحرب. فمن دون المفاوضات النووية مع إيران، حرب، والتدخل في سورية في مختلف اشكاله، حرب كذلك.
لكن سياسة الإدارة التي تستخدم الحرب كفزاعة ارتدت على أصحابها، فراح المنتقدون يشككون بنجاعة سياسة مبنية على خياري «اما الحرب او العزلة».
وقال نائب مستشارة الامن القومي لشؤون الاعلام بن رودز: «نحن نعلم ان هناك أسئلة متعددة، لا حول سياستنا الخارجية فحسب، بل حول دور اميركا في العالم»، مضيفا، في معرض تعليقه على خطاب اليوم، ان أوباما: «سيتحدث عن ضرورة التدخل الأميركي في شؤون العالم، ولكن من دون المبالغة في التدخل». ويتابع: «نحن نقود العالم، او بالأحرى نحن الدولة الوحيدة التي يمكنها ان تقود العالم، ولكن هذه القيادة يجب ان تكون في خدمة النظام الدولي».
المراقبون في العاصمة الأميركية يدركون ان ازمة أوباما في السياسة الخارجية لن تجد حلولا لها في خطاب، فالتصاريح والخطابات هي في صلب الازمة، اذ يكثر الرئيس الأميركي من التصاريح، ولكنه يندر ان يقرنها بأفعال، وهو ما بدا جليا في وقوفه متفرجا في وجه التجاوزات المتعددة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد للخطوط الحمراء التي وضعها أوباما نفسه. والعجز نفسه اظهره أوباما في تعاطيه مع الأزمة الأوكرانية وأزمات أخرى حول العالم.
ما تحتاجه السياسة الأميركية الخارجية، يقول البعض، هو استراتيجيات وخطط لوضعها موضع التنفيذ.
«لقد أدركت مساء أمس انه ليس لدى الإدارة سياسة حول سورية، وليس لديها استراتيجية في سورية»، يقول كبير أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ من الجمهوريين بوب كوركر، الذي خرج من لقاء في البيت الأبيض عقدته الإدارة كجزء من حملتها لتحسين صورتها في السياسة الخارجية. حتى اللقاء، الذي انعقد بشكل غير رسمي تحت عنوان «جبنة ونبيذ»، كان «لقاء غريبا»، حسب السناتور الجمهوري.
العارفون ببواطن الأمور يعلمون ان سياسة أوباما الخارجية، وخصوصا في الشرق الأوسط، ليست على وشك ان تتغير، فهو يعتقد ان إيران ستصبح حليفة اميركا بعد التوصل الى اتفاق نووي نهائي، وإذ ذاك يمكن لإيران ان تحفظ للولايات المتحدة مصالحها في المنطقة، بما في ذلك التوصل الى حل سياسي سلمي في سورية.
اما خطاب اليوم في «وست بوينت»، والذي تحاول الإدارة تسويقه على انه مفصلي وفيه مواقف جديدة، فهو على الأرجح لن يشهد تجديدا في السياسة نفسها، بل سيكون فقط حملة علاقات عامة يقودها الرئيس لتحسين صورة سياسته وتجميلها بدلا من تغييرها او تعديلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق