قالت مصادر أميركية إن معلومات بلغتها من سورية تتحدث عن نية الثوار تعزيز تقدمهم في محافظة حلب عموماً والمدينة بشكل خاص، وإعادة فتح جبهة القلمون واستعادة بعض المناطق التي خسروها لقوات الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه هناك قبل أسابيع، والعمل على ربط محافظتي الجنوب درعا والقنيطرة، حيث بلغ عدد الثوار المقاتلين هناك 30 ألفاً، وإخراج المحافظتين كلياً من تحت سيطرة قوات الأسد.
كما بلغت الأوساط الأميركية معلومات تفيد ان الثوار في طريقهم لفتح طريق الى الغوطة الشرقية لإنهاء حصار قوات الأسد عليها، وربما تعزيز قوات الثوار المتواجدة في ضواحي دمشق واعدادها لشن هجمات باتجاه قلب العاصمة السورية.
من ناحية ثانية، أصبحت حركة «حزم» التابعة للمعارضة السورية التي تأسست في 24 يناير الماضي على إثر اندماج 12 فصيلا من فصائل الثوار السوريين، أشهرها «كتائب فاروق الشمال»، تحوز على اعجاب المراقبين الاميركيين الذين انكبوا على دراستها، ووصف مقاتليها بـ «المعتدلين» و«المنضبطين»، داعين واشنطن الى تسليحها وتقديم الدعم والتدريب لها.
وكانت الحركة المذكورة لفتت الأنظار مطلع الشهر الماضي بعد انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مقاتليها وهم يستخدمون صواريخ «تاو» الأميركية الصنع والمضادة للآليات العسكرية والدبابات.
وعلى الفور أوفدت صحيفة «واشنطن بوست» مراسلتها ليز سلاي من بيروت الى خان السنبل في الشمال السوري حيث اجرت لقاءات مع مقاتلي الحركة، تصدرهم قائدها عبد الله عودة، البالغ من العمر 28 عاما والمعروف بأبي زيد، وهو من الضباط السابقين في الجيش السوري، انشق مبكرا وانضم الى الثوار وشارك في جولات متعددة من المواجهات في انحاء سورية، ما أكسبه خبرة قتالية واسعة.
وتقول سلاي ان معسكر «حركة حزم» هو أبعد ما يكون عن الصورة السائدة عن ثوار سورية والمبنية على رؤيتهم «كمجموعة من الثوار الهواة غير المنضبطين الذين وقعوا تحت تأثير إسلاميين متطرفين».
ورغم ان طراز صواريخ «تاو» الأميركية التي بحوزة حزم تعود للثمانينات، وهي بالكاد أفضل من صواريخ «الكونكورس» المتوافرة في أيدي الثوار والسوق السوداء، إلا أنه يبدو ان «أصدقاء سورية» الاحد عشر قرروا امتحان انضباطية «حركة حزم» بتسليمها عددا محدودا من قاذفات وصواريخ «تاو».
وتنقل سلاي عن عودة قوله ان المانحين طلبوا استرداد الطلقات الفارغة، من بين شروط أخرى، لتأكيد ان الأسلحة لن يتم بيعها او نقلها الى طرف ثالث.
وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركية أبدت امتعاضها في مارس 2013 بعد تسليم «أصدقاء سورية» شحنة من الأسلحة اليوغوسلافية الصنع الى الثوار، تضمنت صواريخ «كونكورس» مضادة للدبابات، تبين في ما بعد ان الأسلحة المذكورة وصلت الى ايدي مقاتلين في «جبهة النصرة»، التي تضعها واشنطن على لائحتها للتنظيمات الإرهابية.
وفيما قال عودة ان جهات غير الولايات المتحدة هي التي سلمت حركته الأسلحة، اعتبر ان الأهم في الموضوع هو اسقاط واشنطن اعتراضاتها على تسليح الثوار، فيما قالت مصادر أميركية ان صواريخ «تاو»، والتي رصدها المتابعون في ايدي «الوية العمري» في درعا و«كتائب الشهيد احمد العبدو» في حمص، فضلا عن «حركة حزم» في ادلب»، دخلت سورية عن طريق محافظة هاتاي التركية. ولم تدخل أي من الأسلحة الجديدة الى الثوار السوريين عن طريق الأردن.
وتقول المصادر الأميركية ان عدد الثوار الذين تعمل الولايات المتحدة على تدريبهم في تركيا والأردن ارتفع الى 600 في الشهر، لكن الباحث في معهد «بروكنغز الدوحة» تشارلز ليستر يعتبر ان الرقم ما زال منخفضا: «على هذ المنوال، المطلوب سنتان لإنتاج قوة مقاتلة تنافس أكبر مجموعة مسلحة شمال سورية، احرار الشام، وسبع سنين ليصبح عدد مقاتليها يوازي عدد مقاتلي الجبهة الاسلامية (والذين يقدر عددهم بخمسين الفا)».
ويتم تدريب الثوار لمدة أسبوع على استخدام الرشاش من نوع «كلاشينكوف»، ولمدة أسبوعين على استخدام قاذفات «آر بي جي» ورشاشات «بي كا سي»، فضلا عن أسبوع للإعداد البدني ولدراسة العلوم العسكرية وتنفيذ الخطط.
بدوره، حدد الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» جيفري وايت ستة عوامل قال ان من شأنها ان تشجع الإدارة الأميركية على دعم وتسليح «حركة حزم»، وهذه تتمثل بعقيدة الحركة «المعتدلة وغير الدينية بدلا من ان تكون متطرفة جهادية»، و«بنية القوات التي يبدو ان لديها عددا لا بأس به من المقاتلين»، قدرته «واشنطن بوست» بخمسة الاف، و«الحرفية العسكرية، اذ يبدو ان مقاتلي حزم يتمتعون بخبرات وتدريب عسكري يسمح لهم باستخدام الأسلحة»، و«التاريخ العسكري الناجح اذ ان حركة حزم لا تبدو واحدة من فصائل يوتيوب».
وختم وايت انه من الواضح ان حركة «حزم» تتعاون مع بقية الوحدات حول اهداف محددة متعلقة بالقتال من دون الدخول في التنافس مع الثورة، معتبرا ان تنظيم الحركة هو أقرب ما توصل اليه الثوار لناحية انشاء هيئة «قيادة وسيطرة».
ويكتب وايت في مطالعة انه «باختصار، تبدو حركة حزم نموذج المجموعة التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاؤها دعمها بمساعدات عسكرية فتاكة ذات معنى، اذ انه يبدو ان هذه الحركة تستوفي شروطا عسكريا وسياسية متعددة ومهمة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق