| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
يخشى المراقبون الاميركيون من ان يؤدي الضعف الشعبي المتزايد للرئيس باراك أوباما بدفعه باتجاه المزيد من العزلة للولايات المتحدة على المسرح الدولي. ويقول المراقبون ان أوباما مع رصيد سياسي ضعيف يصبح أكثر حذرا، وتاليا يبتعد أكثر عن الشؤون الدولية، وينكفئ أكثر فأكثر.
وكان أحدث استطلاعات الرأي الذي اجراه «معهد بيو» وصحيفة «يو اس أي توداي» اظهر تقدما غير مسبوق، بواقع ست نقاط، للحزب الجمهوري ضد حزب أوباما الديموقراطي في انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر المقبل.
ويظهر استطلاع الرأي انعدام الحماسة للذهاب الى صناديق الاقتراع عند الديموقراطيين، الذين اعتبر 47 في المئة منهم في الانتخابات النصفية في العام 2010 انهم ذاهبون للاقتراع دعما لأوباما، فيما يقول 31 في المئة اليوم فقط انهم سيقترعون من اجل الرئيس الأميركي. اما الجمهوريون، فحماستهم تزداد يوما بعد يوم، خصوصا مع ظهور ضعف أوباما الى العلن واقتناعهم ان بإمكانهم تسديد ضربة سياسية قاضية له في الانتخابات المقبلة.
وحسب الاستطلاع، فان نسبة الموافقين على أداء أوباما تبلغ 44 في المئة، وهي اقل بست نقاط من نسبة من يعتقدون ان أوباما لا يبلي بلاء حسنا في موقعه. وينبع الاعتراض على أداء أوباما من قانون الرعاية الصحية الذي لا يتمتع بشعبية بين غالبية الاميركيين، اذ تعارضه نسبة 55 في المئة حسب الاستطلاع المذكور.
ورغم تقرير ابريل حول الوظائف، والذي اظهر ان الاقتصاد الأميركي يتعافى بإضافته 288 ألف وظيفة، الا ان ازمة أوباما والديموقراطيين تبدو أعمق بكثير، ويبدو ان معالجتها قد تكون مستحيلة مع حلول الخريف المقبل، ما يعني ان الحزب الديموقراطي سيخسر الغالبية التي يسيطر عليها حاليا في مجلس الشيوخ، في وقت يحافظ الجمهوريون على الغالبية التي يسيطرون في مجلس الممثلين.
اما ان سيطر الحزب الجمهوري على الكونغرس بغرفتيه، فان ذلك سيعني المزيد من الضعف السياسي عموما للرئيس الأميركي في السنتين المتبقيتين في حكمه.
ومع ان الجمهوريين معروفون بتأييدهم لتدخل اميركا في شؤون العالم، الا انهم يعارضون منح تأييدهم لأوباما في السياسة الخارجية خوفا من ان يحقق الرئيس الحالي أي إنجازات ممكن ان يستفيد منها سياسيا في الداخل.
هكذا، سيصبح أوباما وحيدا تماما في أي من شؤون السياسة الخارجية في حال فوز الجمهوريين بالكونغرس كاملا، وسيضطر الى استخدام القليل المتبقي في رصيده الشعبي من اجل القيام بأي خطوة خارجية.
على ان المتبقي لأوباما شعبيا يأتي معظمه من اقصى اليسار، وهؤلاء من اشد المعارضين لحربي العراق وأفغانستان، ولتورط اميركا في نزاعات او شؤون العالم بشكل عام، وهم غالبا ما يطالبون بتركيز حكومي كامل على شؤون اميركا الداخلية، واستخدام الأموال للاستثمار في الداخل بدلا من انفاقها على شؤون الخارج.
هذا يعني ان أوباما، ان أصبح تحت رحمة اليساريين من دون غيرهم من الناخبين الاميركيين، فهو سيجد نفسه مضطرا للانكفاء أكثر، وللاستناد الى ديبلوماسية وزير خارجيته جون كيري للإبقاء على حضور دولي من نوع او آخر، رغم ان كيري وديبلوماسيته لم يقدما ما يمكن الإشادة به منذ تسلم الأخير منصبه مطلع العام الماضي.
لكن في الاثناء نفسها، يعتقد بعض الخبراء ان الرئيس في سنتيه الأخيرتين يصبح متحررا من قيود استطلاعات الرأي بسبب قرب انتهاء حكمه، وأوباما وان كان يسعى الى المغادرة بدون ارتكاب أي أخطاء فادحة، الا انه في الوقت نفسه سيصبح متحررا من القيود الشعبية.
ولأن الدستور الأميركي يعطي الرئيس صلاحيات لتصميم وإدارة السياسة الخارجية أوسع بكثير من صلاحياته في الداخل، ولأن أوباما قد يجد نفسه مكبلا امام كونغرس جمهوري يعطل له معظم مبادراته وسياساته داخليا، فهو قد يلجأ الى السياسة الخارجية كمنفذ وحيد للقول انه يبقى رئيسا الى اليوم الأخير من حكمه في يناير 2017.
هل يدفع التقهقر الداخلي للديموقراطيين أوباما الى الانكفاء دوليا، ام يجبره ان ينصب على الشؤون الخارجية لانسداد السبل في وجهه في الشؤون الأخرى؟ الإجابة في قادم الأيام، ولكن بالحكم على ماضي الرئيس الأميركي، الحذر دائما والذي يسعى الى الخروج من الحكم بأقل أخطاء ممكنة حتى يكتب اسمه في التاريخ بين الرؤساء الكبار، ترجح غالبية الخبراء ان ينكفئ أوباما أكثر، وهو ما قد يكون فألا سيئا، خصوصا لحلفاء الولايات المتحدة حول العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق