واشنطن - من حسين عبدالحسين
اشتدت المواجهة بين الكونغرس، بمجلسيه الشيوخ والنواب من جهة، والرئيس باراك أوباما وادارته من جهة أخرى، وأقحم الطرفان كل الوسائل والحجج المتوافرة لهما بما في ذلك دول الخليج والكويت، فعقدت «اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية» في مجلس النواب جلسة استماع اتهمت فيها أوباما بتقويض حلفاء اميركا في المنطقة، وضعضعة دول الخليج، ودفعها نحو أحضان إيران، فيما حاول مجلس الشيوخ تعديل قانون التحالف الاستراتيجي الأميركي مع إسرائيل لتضمينه بندا يعطي الكونغرس حق نقض أي اتفاقية نووية مع إيران.
وقالت رئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا وعضو الكونغرس من الحزب الجمهوري عن ولاية فلوريدا اليانا روس ليتنن: «هذا الأسبوع تم اعلان أن امير الكويت سيزور إيران نهاية الشهر، فيما وجهت العربية السعودية دعوة الى وزير الخارجية الإيراني (محمد جواد ظريف) للزيارة».
وأضافت ليتنن انه «لا يجب تذكير أحد منا بمخطط إيران لاغتيال سفير السعودية في الولايات المتحدة، هنا في واشنطن، لفهم الى أي مدى يمكن ان تذهب إيران في محاولاتها لقلب ميزان القوى في المنطقة في مصلحتها» معتبرة ان «ليست فكرة إيران النووية وحدها هي التي تهددنا وحلفاءنا في المنطقة، ولكن كذلك دور إيران كأكبر راع للإرهاب الذي تجب مواجهته».
وتابعت روس ليتنن ان «إيران تسعى لشن حروب بالوكالة وهجمات ضد الولايات المتحدة وضد حليفتنا دولة إسرائيل اليهودية الديموقراطية، وضد مصالحنا القومية الأمنية في المنطقة، كذلك ضد عدد من الدول الشرق أوسطية».
وقالت: «لذلك، اعتقد ان على دول مجلس التعاون (الخليجي) الامتناع عن إقامة علاقات أكثر قرباً مع إيران، وان تتمسك بخط لمواجهة ضد هذا النظام الإرهابي وان تتخلى عن أي طموح في تعميق تحالفاتهم الاقتصادية مع طهران».
واضافت المسؤولة الأميركية انه «إذا تخلينا عن حلفائنا في الخليج في محاولتنا التوصل الى اتفاقية سيئة مع إيران تبقي على بنيتها التحتية النووية وتسمح لها بالاستمرار بتخصيب اليورانيوم، لن نخسر فقط ما تبقى لنا من ثقة مع دول مجلس التعاون، بل سنفتح الباب على مصراعيه لسباق تسلح في الشرق الأوسط».
وقالت: «في نهاية المطاف، كانت الولايات المتحدة هي التي مارست الضغط على هذه الدول لفرض عقوبات على النظام الإيراني، وهي الآن تنظر الى حماس الإدارة للتوصل الى اتفاقية مع طهران وكأن الولايات المتحدة تبيعها للإيرانيين الذين سيجبرونها على التوصل الى اتفاقيات مع طهران».
لكن إدارة أوباما لا تخالف الكونغرس في توجسه من إيران وحلفائها في المنطقة فحسب، بل هي تدعو الى تحالف واشنطن مع طهران في مواجهة «الإرهاب» لأن في ذلك مصلحة الولايات المتحدة. وكان لافتا في هذا السياق المقال الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بقلم جوناثان ستيفنز، وهو سبق ان عمل حتى العام الماضي كمسؤول في شؤون الشرق الأوسط في «مجلس الأمن القومي».
في مقالته، التي تعكس الى حد كبير تفكير أوباما وفريقه، كتب ستيفنز: «اعجبكم ام لا، في الوقت الحالي نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وخصوم الولايات المتحدة الشيعة إيران وحزب الله يشكلون أفضل مضاد للمجموعات الجهادية العابرة للدول، (هذه المجموعات) التي تستجمع قواها في سورية وفي جوارها والتي تكسب المزيد من القوة».
وستيفنز ليس وحيدا داخل إدارة أوباما ممن يعتقدون ان الصداقة مع إيران الشيعية هي في مصلحة الولايات المتحدة، خصوصا لناحية مواجهة المجموعات السنية المتطرفة، وليس ستيفنز أكثر المؤيدين للأسد او «حزب الله»، اذ داخل «مجلس الأمن القومي» الأميركي الحالي أعضاء ممن سبق ان التقوا الأسد في دمشق مراراً ومعروف عنهم تأييدهم له ولبقائه في الحكم حتى اليوم.
ولأن الكونغرس، الذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الجمهوري يخشى ان يوافق أوباما على «أي اتفاقية» مع إيران، حتى لو كانت على حساب مصالح اميركا وحلفائها في المنطقة وفي صدارتهم إسرائيل، راح اعضاؤه بمجلسيه يبحثون في السبل المتاحة لهم لمواجهة الرئيس الأميركي، وبدأوا بشن حملة تشريعية وسياسية ضد سياسة أوباما القاضية بالتقارب مع إيران بأي ثمن.
لكن الرئيس الأميركي رمى بثقله في المواجهة مع الكونغرس واتصل شخصيا بمشرعين، من الحزبين، لإجبارهم على التخلي عن التعديل الذي قدمه السناتور الجمهوري بوب كوركر، والذي يقضي بتعديل قانون التحالف الاستراتيجي الأميركي مع إسرائيل لتضمينه بندا يعطي الكونغرس حق نقض أي اتفاقية نووية مع إيران، ما حمل المعلقة في صحيفة «واشنطن بوست» جينيفر روبن على الكتابة ان خطوة أوباما «تتعارض مع ما سبق ان اعلنه مسؤولو ادارته لناحية ان الكونغرس سيكون مشاركا في أي اتفاقية نهائية مع ايران تؤدي الى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها».
ومع ان رفع العقوبات الأميركية عن إيران يحتاج الى قانون في الكونغرس، الا ان لرئيس الولايات المتحدة الصلاحية لتعليق أي عقوبات بموجب مرسوم اشتراعي يتم تجديده على أساس سنوي.
ومواجهة أوباما، شخصيا، مع أعضاء الكونغرس حول سياسته الخارجية ليست الأولى من نوعها، فقبل أسابيع، سرت تقارير مفادها انه على إثر قيام عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي عن ولاية ديلاوير، كريس كونز بربط الصراع في أوكرانيا بأحداث سورية والتشبيه بينهما اثناء جلسة استماع علنية، استشاط أوباما غضبا واتصل بكونز هاتفيا وقال له: «إذا كنت تريد الفوز لحزبنا (الديموقراطي) في الانتخابات المقبلة (في نوفمبر) فلا تثير موضوع سورية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق