| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
بعد ان شكر الصحافيين وهم بالمغادرة، صاح أحدهم «إيران»، فاستدار الرئيس باراك أوباما وعاد الى المنصة، ليطلق مواقف صريحة جدا، كشف فيها ان بلاده طلبت من إيران دعم حكومة عراقية تشمل جميع الأطراف السياسة، وحذر من مغبة تصرف إيران في العراق «كقوة مسلحة باسم الشيعة فقط»، معتبرا انه ينتظر جواب إيران في «الأيام القليلة المقبلة».
وحسبما سبق لـ «الراي» ان نقلت أمس عن مصادر في البيت الابيض، قدم أوباما سياسته في اليمن كنموذج لتعامل بلاده مع الازمتين في العراق وسورية، وقال ان ادارته اتخذت خطوات عديدة للتعامل مع ازمة العراق، لكنه ربط أي مجهود عسكري أميركي هناك بقيام حكومة وحدة وطنية يوافق عليها السنة والشيعة والكرد، في وقت رفض ان يعبر عن تخليه عن رئيس حكومة العراق نوري المالكي، رغم انه لمح الى ذلك، في وقت تنشط ديبلوماسية أميركية خلف الكواليس في بغداد لاختيار بديل للمالكي، يرجح ان يكون النائب احمد الجلبي.
عن دور إيران في العراق، قال الرئيس الأميركي: «رأينا انه يمكن لإيران ان تلعب دورا بناء إذا أرسلت الى الحكومة العراقية نفس الرسالة التي نرسلها نحن، وهي ان العراق يبقى متماسكا إذا كانت (السلطة فيه مشاركة)، وإذا كانت كل مصالح السنة والشيعة والكرد محترمة». وأضاف: «(أما) إذا تدخلت إيران كقوة مسلحة باسم الشيعة فقط، او صورت الامر كذلك، فهذا على الارجح سيؤدي الى تفاقم الوضع، والى تقليص فرصة تشكيل حكومة (عراقية) يمكنها ان تكون بناءة على المدى البعيد».
وتابع أوباما: «اعتقد انه في الوقت الذي يعكف الزعماء العراقيون على اتخاذ قرار، اعتقد ان إيران سمعت منا (رأينا)، وأشرنا لهم انه من المهم لهم ان يتفادوا اتخاذ خطوات من شأنها ان تشجع نوع من الانقسامات الطائفية قد تؤدي الى حرب أهلية».
وأردف الرئيس الأميركي: «لدينا اختلافات عميقة مع إيران حول مواضيع كثيرة، وواضح ان ما يحصل في سورية هو جزئيا نتيجة دخول إيران بثقلها لمصلحة طرف واحد، وعلى إيران ان تعيد التفكير برؤيتها للمنطقة والمبنية على اعتبارات طائفية فقط، وقد يجدون أنفسهم يقاتلون في امكان كثيرة، وهذا على الارجح ليس جيدا للاقتصاد الإيراني والشعب الإيراني على المدى البعيد».
واعتبر أوباما انه قد يكون «البعض في إيران ممن يدركون» مغبة خوض حروب متعددة مع السنة في المنطقة، وان «عراقا غارقا في فوضى على حدود (إيران) ليس على الأرجح في مصلحتهم، ولكن العادات القديمة تموت ببطء، وسنرى ان كانوا سيختارون منحى واعدا أكثر في الأيام القليلة المقبلة».
ثم قدم أوباما اليمن كنموذج لسياسته في التعاطي مع الازمات في المنطقة، وقال: «تنظرون الى بلد كاليمن، بلد فقير جدا وتشوبه انقسامات طائفية وعرقية، هناك، لدينا شريك ملتزم في الرئيس (عبد ربه منصور) هادي وحكومته حيث نجحنا في المساعدة على تطوير قدراتهم من دون وضع عدد كبير من القوات الأميركية على الأرض».
في نفس الوقت، أضاف أوباما: «لدينا ما يكفي من مقدرات لمكافحة الإرهاب مكنتنا من الذهاب خلف أولئك الذين قد يحاولون ضرب سفارتنا او يحاولون تصدير الإرهاب الى أوروبا او الولايات المتحدة».
وتابع الرئيس الأميركي: «كيف يمكننا ان نخلق المزيد من نموذج (اليمن) سيكون جزءا من الحل في كل من سورية والعراق، ولكن حتى نستطيع القيام بذلك، سنحتاج الى حكومات فعلية على الأرض يمكننا ان نتشارك معها ولدينا ثقة بأنها ستتبنى سياسات مشاركة السلطة. في اليمن، على سبيل المثال، استغرق حوار وطني واسع ومتنوع وقتا طويلا، ولكن ساهم في إعطاء الناس الشعور بأن هناك كيانا سياسيا شرعيا لأي من المظالم التي قد تكون لديهم».
وعلى أثر المؤتمر الصحافي، عقد ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى من البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع جلسة مغلقة مع الصحافيين، قدموا فيها تفاصيل أكثر حول التعزيزات العسكرية الأميركية في الخليج.
كما قال المسؤولون انه، على عكس تصريحات المالكي الذي جعل المواجهة المسلحة أولوية على تشكيل الحكومة، فان الديبلوماسية الأميركية في العراق تعمل لحث الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمن المهلة المنصوص عنها في الدستور العراقي والبالغة 30 يوما منذ تصديق المحكمة العليا على النتائج.
وأصر المسؤولون الاميركيون ان الحل السياسي في العراق يأتي قبل العسكري، وان الولايات المتحدة لن تنحاز في الصراع المسلح داخل العراق لطرف دون آخر، بل هي ستدعم – عسكريا -- حكومة وحدة وطنية تنال رضا كل الأطراف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق