| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
في جلسة مغلقة في الكونغرس حول سورية، ابلغ مسؤولون في الإدارة الأميركية مشرعين ان الرئيس السوري بشار الأسد لن يتمكن من القضاء على المعارضة المسلحة، وان القتال سيستمر في الأشهر الاثني عشر المقبلة على الأقل، من دون ان يتكمن أي من الطرفين الحسم.
وقالت مصادر مطلعة على فحوى اللقاء ان التقديرات الأميركية تشير الى ان «الأسد استخدم كافة الأوراق المتاحة له من دون ان يتمكن من القضاء على الثوار». ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان «الأسد عمل على تدعيم قواته، التي تشكل نواتها وحدات نخبة يديرها مقربون منه، بمقاتلين أجانب من لبنان والعراق»، وان «مستشارين عسكريين إيرانيين يشرفون على سير المعارك، ويعملون على تدريب ميليشيات الجيش الشعبي لملء النقص في اعداد المقاتلين»، وهي مشكلة واجهها الأسد منذ اليوم الأول لاندلاع المواجهات العسكرية قبل ثلاثة أعوام.
وعن مشاركة وفاعلية «حزب الله» اللبناني في العمليات العسكرية في سورية، يعتقد المسؤولون الاميركيون ان الحزب هو «القوة العسكرية الأبرز في تحالف إيران – الأسد»، وان «دخول قوات هذه القوات ساهم في قلب الموازين في مناطق كثيرة لمصلحة الأسد».
لكن لقوة «حزب الله» حدودا، حسب قول أحد المسؤولين المشاركين في اللقاء، الذي اعتبر ان الحزب اللبناني «قدم اقوى أداء له في مثلث القلمون والقصير في حمص والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية»، فيما «لاحظنا ان قوة الحزب تبدأ في التقلص في العمق السوري وتخسر تفوقها تماما في مناطق في قلب الجنوب مثل درعا او في عمق الشمال مثل حلب.
ويعزو المسؤولون الاميركيون سبب تقلص قوة «حزب الله» بعيدا عن الحدود اللبنانية الى كون الحزب يفتقر الى الآلية المطلوبة للتموين البعيد ان كان نقل القوات ومعداتها، او مدها بالذخيرة والمؤن. ويقول أحد المسؤولين الاميركيين ان «حزب الله مصمم للقتال في قرى صغيرة بالاستناد الى بنية تحتية مشبوكة مع المدنيين. اما في العمق السوري، فالحزب يقاتل في أراض غريبة ومن دون دعم السكان، وهو ما يعني ان خطوط امداده تستند بالضرورة الى القوة اللوجستية للأسد».
وتابع المسؤول ان قوات الأسد «قدمت أداء كبيرا من حيث المقدرة اللوجستية، اذ من غير السهل نقل وحدات عسكرية ومعدات من منطقة الى أخرى وبشكل مستمر على مدى السنوات الثلاث الماضية».
هذا ما يجعل المسؤول الأميركي يعتقد ان قوة الأسد و»حزب الله»، بلغت ذروتها، وانه يمكن لهذه القوة ان تستعيد أي منطقة من الثوار، بعد قتال شرس، ولكنه لا يمكن لهذه القوات ان تستعيد كل المناطق التي تخسرها في نفس الوقت او ان تحافظ عليها، وهي تجد نفسها مضطرة الى الانتقال من منطقة الى أخرى، وفي مرات تقاتل من اجل استعادة الأرض نفسها للمرة الثانية او الثالثة او الرابعة.
هذا القصور في قوة الأسد – «حزب الله» هو الذي أجبر النظام السوري على ابتكار أساليب توقع أكبر حجم من الخسائر، لا بين صفوف الثوار فحسب، بل بين المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها. وتتضمن أساليب الأسد للعقاب الجماعي بحق المدنيين في مناطق المعارضة «فرض حصار خانق يهدف الى تجويع المدنيين، وقصفا عشوائيا بصواريخ سكود وبصواريخ مقاتلات وببراميل متفجرات محلية الصنع تلقيها المروحيات».
ويقول المسؤولون ان في حماة مصنعين او أكثر تعمل على مدار الساعة على انتاج البراميل المتفجرة البدائية الصنع.
ويرى المسؤولون ان «الأسد استنفذ أوراقه، ولن يتمكن من استعادة كل المناطق التي خسرها، وستتحول المعارك الى كر وفر بين الطرفين. ويضربون احداث الأيام الماضية مثلا، فيقولون «اننا شهدنا قوات النخبة لدى الأسد وحزب الله تستعيد معبر كسب على الحدود مع تركيا، لكن الأسد اضطر لسحب وحداته من مناطق أخرى، فتقدم الثوار في درعا وحماة وبعض مناطق حمص والقلمون من الحدود اللبنانية».
ويضيف المسؤولون الاميركيون ان اندلاع المواجهات المسلحة في العراق «لن يكون في مصلحة الأسد»، اذ تشير التقديرات الأميركية الى ان ما بين خمسة الاف وسبعة الاف مقاتل من العراقيين في صفوف قوات الأسد عادوا للمشاركة في معركة الدفاع عن بغداد، ما ترك فجوة في سورية ستؤدي الى المزيد من لإنهاك لقوات الأسد – حزب الله المتبقية.
ويختم المسؤولون ان معارك العراق ستجبر إيران على ارسال قادتها الميدانيين من سورية الى العراق، وستجبر طهران على تجيير بعض الموارد التي كانت تخصصها لسورية، وهذه كلها تنذر بأن الأسد لن يتمكن من الحسم عسكريا في المدى المنظور.
وبالإجابة عن سؤال ان كان القتال في العراق سيعطي ثوار سورية فرصة للانقضاض على الأسد، قال المسؤولون المشاركون في الجلسة: «نستبعد ذلك ونعتقد ان التعادل في القوى سيسود حتى تتغير أي من المعطيات المتوافرة الآن».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق