| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
القاء قوات أميركية القبض على احمد ابوختالة، القيادي في تنظيم «أنصار الشريعة» الليبي الإسلامي، من شأنه ان ينعش نهج الرئيس باراك أوباما في السياسة الخارجية، والمبني على ضرورة حصر أي تدخل أميركي عسكري خارجي باستخدام القوات الخاصة او الطائرات من دون طيار.
وقال أوباما ان عملية القبض على ابوختالة «ترسل رسالة واضحة للعالم انه عندما يتعرض اميركيون لهجوم، لا يهم كم من الوقت يستغرق الامر، (لكننا) سنجد المسؤولين عن الهجوم ونحضرهم الى العدالة»، مضيفا: «سوف نجدكم».
وابوختالة هو الشخص الثالث من المطلوبين لدى الولايات المتحدة ممن نجحت قواتها الخاصة اما في قتلهم او في القاء القبض عليهم، بعد عمليتي قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان في العام 2011 واعتقال نزيه الرقاعي، المتهم بالمشاركة في تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في العام 1998، في ضواحي العاصمة طرابلس في أكتوبر الماضي.
وتتهم الولايات المتحدة ابوختالة وتنظيمه، الذي تصنفه إرهابيا، بشن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 سبتمبر 2012 الذي اودى بحياة السفير كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين. كما تعتقد السلطات الأميركية ان من بين المشاركين في الهجوم على القنصلية الليبي سفيان بن قمو، وهو سبق ان كان معتقلا في غوانتانامو وسلمته واشنطن لنظام معمر القذافي، الذي أطلقه بدوره ابان اندلاع الثورة في ليبيا في العام 2011.
وقامت القوات الأميركية الخاصة باعتقال ابوختالة في عملية في عطلة نهاية الأسبوع، ولكنها لم تكشف عنها حتى تأكدت من خروج كل عناصرها من ليبيا آمنين. وقال المسؤولون الاميركيون انها قامت بالعملية «بشكل احادي»، أي من دون مشاركة قوات أميركية محلية او غير أميركية. كما لمح المسؤولون الى انهم سبق ان ابلغوا السلطات الليبية بنيتهم القيام بعمليات من هذا النوع.
ومع ان «صحيفة واشنطن» بوست علمت بالعملية اثناء وقوعها، الا ان السلطات الأميركية طلبت منها الحفاظ على سريتها، حتى يوم اول من أمس، من اجل حماية امن الاميركيين المشاركين بها. وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة الدفاع (بنتاغون) اعتقال ابوختالة وعودة كل الاميركيين المشاركين في العملية سالمين من بنغازي.
ابوختالة لم يصل الولايات المتحدة بعد، وتوقعت الأوساط في العاصمة الأميركية ان يكون على متن سفينة عسكرية في عرض البحار فيما تقوم السلطات بالتحقيق معه. اما السبب خلف «التحقيق في البحر» فمرده الى محاولة هذه السلطات تفادي القوانين الأميركية، التي تحظر اجراء تحقيقات مع متهمين من دون وجود محام، وتعطي المعتقل حقوقا واسعة للالتزام بالصمت. ومن المتوقع ان يصل ابوختالة، بعد التحقيقات، الى العاصمة الاميركية لتتم محاكمته امام محكمة مدنية.
وعلى الفور، اثار توقيت الاعتقال ونية محاكمته داخل اميركا حفيظة السياسيين الاميركيين من الحزب الجمهوري، وطالبوا بإرساله فورا الى معتقل غوانتانامو، ومحاكمته هناك امام القضاء العسكري بصفته «مقاتل عدو».
وكانت «واشنطن بوست» أوردت ان السلطات الأميركية قامت بتأجيل عملية اعتقال ابوختالة مرات عديدة خوفا من انكشافها، ما دفع الجمهوريين الى اتهام الرئيس أوباما بالتلاعب بتوقيت الاعتقال وتأجيله حتى اليوم بهدف إنقاذ سمعته المتهالكة في السياسة الخارجية، خصوصا بعد ازمة الموصل في العراق.
ومازالت السلطات الأميركية تلاحق بن قمو، الذي تعتقد انه يقيم في مدينة درنة الليبية.
على انه على الرغم من انتقادات اليمين لأوباما، لا شك ان عملية الاعتقال ستساهم في رفع رصيد الرئيس في السياسة الخارجية الى حد بعيد، فالاعتقال من شأنه ان يقفل ثغرة استغلها معارضو أوباما وخصومه لاتهامه بالضعف وبعدم الاستجابة لنداء الديبلوماسيين الاميركيين في ليبيا ابان الهجوم.
كذلك، من شأن الاعتقال ان يعطي دفعا لفكرة أوباما القائلة انه يمكن للولايات المتحدة حماية نفسها من الإرهاب والإرهابيين بمطاردة المسؤولين عنه شخصيا، ومن دون الدخول في حروب كبيرة مثل في العراق وأفغانستان، او سورية.
ويعمد معظم مطالبي الرئيس الأميركي في سورية الى القول انه من شأن تحول مناطق في سورية الى مرتع للإرهابيين ان يهدد الأمن القومي الأميركي، وان يتحول مركزا تنطلق منه عمليات هؤلاء ضد اهداف أميركية، الا ان إدارة أوباما غالبا ما ترد بالقول انه يمكن لها مواجهة هؤلاء من دون خوض حرب شاملة معهم، وان الحرب الشاملة لا تنفع مع أطراف من غير الدول لا تخوض مواجهات عسكرية بالمعني التقليدي ويمكن لمقاتليها الاختباء لفترات طويلة.
هكذا، من المتوقع ان يستخدم أوباما عملية اعتقال ابوختالة لتعويم رصيد سياساته الخارجية في وجه المشككين بها، داخل اميركا وخارجها، وهو الأمر الذي استفز الجمهوريين الذين عمدوا منذ الساعات الأولى للإعلان عن نجاح عملية الاعتقال الى التشكيك بتوقيتها والطعن بأهميتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق