| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
بعد أقل من 24 ساعة على اعلان ادارة الرئيس باراك أوباما نيتها اجراء تحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية، خصوصا عن طريق استخدام موسكو القرصنة عبر الانترنت لاختراق مراكز اقتراع ولجان حزبية، فجّر الرئيس المنتخب دونالد ترامب مفاجأة مدوية في الاوساط السياسية بإعلانه تعيين ريكس تيليرسون، «الأميركي الأقرب» الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزيرا للخارجية.
ووعد أوباما باعلان النتائج حول الاختراقات الروسية قبل خروجه من البيت الابيض في 20 المقبل.
ويبدو انه بهدف ارضاء مؤسسة الحزب الجمهوري، المعادي لبوتين وروسيا تقليديا، أعلن ترامب تعيين سفير أميركا السابق الى الأمم المتحدة جون بولتون نائبا لوزير الخارجية، في وقت هاجم «الفريق الانتقالي» التابع لترامب اتهام روسيا بالتدخل بالانتخابات الاميركية، ووصف فريق ترامب «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) بأنها غير كفوءة، ساخرا منها، ومذكرا ان من يؤكدون تدخل موسكو بالانتخابات الاميركية هم نفسهم من أصرّوا على وجود اسلحة دمار شامل بحوزة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
واعلن ترامب، امس، انه «لا يصدق» استنتاجات «سي آي اي» حول تدخل روسيا لانتخابه في الثامن من نوفمبر.
وقال لقناة «فوكس» حول معلومات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»: «اعتقد انه امر سخيف. انها ذريعة جديدة لا اصدقها».
واضاف: «لا يعرفون اذا كانت روسيا او الصين او اي جهة اخرى» قامت بقرصنة الهيئات السياسية خلال حملة الانتخابات الرئاسية. واوضح: «ربما يكون شخص كان في سريره في مكان ما. لا يعرفون شيئا بعد».
وتيليرسون، هو المدير التنفيذي لشركة النفط العملاقة «اكسون»، وهو الذي هندس توقيع عقد شراكة بينها وبين شركة «روسنفت»، التي تملكها الحكومة الروسية، بهدف القيام بعمليات تنقيب في محيط القطب الشمالي. وبسبب «خدماته لروسيا»، منح بوتين تيليرسون أعلى وسام تقلده موسكو لمدنيين، وهو وسام «صديق الأمة الروسية».
وتيليرسون من أبرز المطالبين بانهاء العقوبات على روسيا والدخول معها في شراكات نفطية وسياسية وعسكرية. وبتعيينه وزيرا للخارجية، يصبح تيليرسون المسؤول الثاني المقرب من بوتين في الادارة الاميركية المقبلة، بعد مايكل فلين، مستشار الأمن القومي المتوقع، الذي تقاضى في الماضي القريب اموالا من الكرملين كأجر لتقديمه خدمات «علاقات عامة» للحكومة الروسية.
ويعتقد المتابعون ان خلف تيليرسون وفلين يقف مستشار الرئيس الاميركي المنتخب للشؤون الاستراتيجية، اليميني المتطرف ستيف بانون. والأخير لا يبدو انه من المعجبين ببوتين، لكنه يتفق مع الرئيس الروسي على ضرورة بناء تحالف مسيحي أميركي اوروبي واسع بهدف مواجهة «الخطر الاسلامي».
وكان بانون، الذي يترأس موقع اعلام «برايتبارت» اليميني المتطرف، أعلن أخيرا نيته اقامة مواقع موازية باللغتين الفرنسية والالمانية، بعد الموقع البريطاني الذي يعمل منذ عامين. ويسعى بانون لدعم اليمين الاوروبي المتطرف لاكتساح الانتخابات الاوروبية، والتي تجري في فرنسا والمانيا العام المقبل.
اما بوتين، فهو من ابرز مانحي القروض لزعيمة اليمين الفرنسي ماري لوبن لتمويل حزبها ونشاطاتها السياسية وانتخاباتها.
ويعتقد الخبراء الاميركيون ان بوتين ساهم ماليا في دعم الحملة الاعلامية لمؤيدي الانفصال البريطاني عن الاتحاد الاوروبي.
في وسط تشابك المصالح النفطية والسياسية والمالية والدينية، يمضي ترامب في توثيق تحالف واشنطن وموسكو لمحاربة تنظيم «الدولة الاسلامية»(داعش) في العراق و«الجمهورية الاسلامية» في ايران، على حد زعمه وزعم المقربين منه.
لكن الصداقة الاميركية مع العدو اللدود، روسيا، لا يبدو انها ستمر مرور الكرام لدى الاميركيين، خصوصا الجمهوريين من غير مؤيدي ترامب، الذين أطل في طليعتهم السناتور لندسي غراهام ليعلن نيته مواجهة روسيا وكل ما تمثله، وهو ما يعني ان خطوات ترامب لا تعد باعادة رسم التحالفات العالمية فحسب، بل هي تعد باعادة رسم التحالفات السياسية داخل الولايات المتحدة نفسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق