| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
واصل الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب عملية «عسكرة» الادارة الاميركية بتعيينه ثالث جنرال في أعلى المناصب في ادارته، فأعلن تعيين الجنرال المتقاعد حديثا جون كيلي وزيرا لـ «الأمن القومي الوطني»، لينضم الى زميليه الجنرالين مايكل فلين، مستشار الأمن القومي، وجايمس ماتيس، وزير الدفاع.
ومثل ماتيس، يحتاج كيلي الى اعفاء خاص من الكونغرس بسبب عدم مرور فترة سبع سنوات المطلوبة دستوريا بين تقاعد العسكريين وانضمامهم للعمل بصفة مدنيين في الحكومة.
وسبق لكيلي ان عمل في وحدات المارينز لأكثر من 40 عاما، ونال وسام «النجمة الذهبية». وعلى رغم ان كيلي كان متخصصا بشؤون الاميركيتين الوسطى والجنوبية، الا انه تأثر بحرب افغانستان، التي شهدت مقتل ابنه على ايدي حركة «طالبان»، وهم مقاتلون وصفهم الجنرال الاميركي بـ «العدو المتوحش كأكثر الوحوش الذين ساروا في هذه الأرض».
والى نقمة كيلي على «طالبان»، فهو من ابرز المتشددين في تأييده ضبط الحدود الاميركية الجنوبية مع المكسيك، اذ يعتبر اختراقات العمال غير الشرعيين للحدود بمثابة تهديد جدي للأمن القومي الاميركي. وكان كيلي عارض إلغاء الحظر الذي كان مفروضا على انضمام الاميركيات في الجيش الى الوحدات القتالية، وهو سبق ان ابدى معارضة ايضا ضد خدمة مثليي الجنس في القوات المسلحة الاميركية.
وسبق لكيلي ان عمل كبير المستشارين العسكريين لوزير الدفاع السابق روبرت غيتس، والاخير خدم في ادارتي الرئيس جورج بوش وباراك أوباما، ما يعني ان كيلي عمل في الادارتين، الجمهورية، والديموقراطية التي تلتها، والآن يعود للعمل بإمرة رئيس من الجمهوريين.
وبالتزامن مع تزايد عدد الجنرالات في ادارة ترامب، رصد الخبراء الاميركيون ظاهرة تصاعد اليمين الاميركي المتطرف، ومحاولته الالتحام مع نظيره الاوروبي.
وفي هذا السياق، لا بد من الاشارة الى الدور الذي يلعبه مستشار أوباما للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، وهو ناشر موقع «برايتبارت» اليميني المتطرف.
وبانون هو قائد الحملة، لا ضد الحزب الديموقراطي الاميركي فحسب، بل ضد «المؤسسة الحاكمة» (استابلشمنت) في الحزب الجمهوري، وهو كان من ابرز مهندسي فشل اكبر المرشحين الجمهوريين ضد ترامب، من امثال حاكم فلوريدا السابق جب بوش، ابن وشقيق الرئيسين السابقين جورج بوش.
وبانون يعتقد ان مهمته تقضي بانشاء حركة شعبوية يمينية تطيح باليمين المعتدل، وتستبدله بمتطرفين مستعدين لخوض معارك للسيطرة على القرار السياسي، لا في الولايات المتحدة فحسب، بل في اوروبا كذلك. ولموقع «برايتبارت» نسخة بريطانية تحولت الى لولب حملة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي. ولبانون علاقات مع عتاة اليمين البريطاني، مثل نايجل فراج، الذي كان من الحاضرين في مقرّ ترامب والى جانبه اثناء اعلان فوز الاخير بالرئاسة الاميركية.
اما آخر ابتكارات بانون، فاقامة موقعين لـ «برايتبارت»، واحد باللغة الفرنسية وآخر بالالمانية. وتستعد كل من فرنسا والمانيا لانتخابات العام المقبل، ويسعى بانون - بالتعاون مع المجموعات الاوروبية في كل من البلدين - بدفع ماري لوبين، اليمينية المتطرفة، للفوز بالرئاسة الفرنسية، وكذلك بدفع اليمين الالماني المتطرف، الذي يعاني من قوانين صارمة بسبب تاريخ البلاد النازي، الى مواقع متقدمة، في محاولة لتعطيل محاولة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل فوزها بولاية رابعة.
الجنرالات يتكدسون في ادارة ترامب، التي يشغل منصب ارفع مستشار فيها اكثر يميني متطرف مثير للجدل في الولايات المتحدة. هذان العاملان دفعا صحيفة «نيويورك تايمز» الى عنونة احدى مقالاتها بالقول انه، بناء على تعييناته، صار يبدو جليا ان ترامب ينوي ان يحكم البلاد من اقصى اليمين، وهو ما يخيب آمال كثيرين ظنوا ان تطرف ترامب وجنوحه نحو اليمين هو لحصد الاصوات والفوز بالانتخابات فقط، وتوقعوا ان يعود بعدها ترامب الى الوسطية، وهو توقع لا يبدو انه يتحقق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق