| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
رجحت دراسة صادرة عن «معهد دراسات الحرب» الاميركي ان تحاول موسكو تزويد الرئيس السوري بشار الاسد بمنظومة صاروخية متطوّرة من الدفاعات الجوية تحسبا لفرض حظر جوي قد تسعى الى فرضه الدول الغربية او تحالف الاطلسي. واعتبرت الدراسة ان اكبر مؤشر في هذا السياق جاء خلال اعتراض تركيا لطائرة روسية متوجهة الى دمشق ومحملة بمعدات ردارات وخبراء روس.
وتابعت الدراسة انه «فيما يتباحث اصحاب القرار في امكان وفوائد ومخاطر وتكاليف الحظر الجوي، يشير عدد من الخبراء الى ان شبكة الدفاع السورية هي الاكثر كثافة ومقدرة في العالم، ومنتشرة اجمالا في الممر الذي يربط دمشق بحلب وعلى الساحل السوري».
وتابعت ان «لدى نظام الاسد 650 موقعا ثابتا للدفاع الجوي، معظمها منظومات (سام - 5) نسبة للمدى والعلو الذي تطاله هذه الصواريخ». واضافت ان «الدفاعات الجوية السورية تتضمن 300 وحدة متحركة معظمها صواريخ (سام 11 -17)، و(سام - 22) ومشتقاتها».
ورغم قدرات الدفاعات الجوية السورية، أوضحت الدراسة ان هذه الدفاعات الروسية الصنع محدودة في شكل خطير، وان «القوات الجوية لتحالف الاطلسي واسرائيل اظهرت مرارا مقدرتها على اختراق وضرب الدفاعات الجوية الروسية».
الدراسة، التي اعدها الخبير والعضو في الاستخبارات العسكرية السابق جوزف هاليداي، اعتبرت ان الولايات المتحدة «تعرف الكثير» عن الدفاعات الجوية الروسية الصنع، وان القوات الاميركية الحقت بها هزائم في «العراق وليبيا وصربيا ولبنان مع خسائر قليلة». واضافت انه قد يكون الاسد يعمل على اضافة منظومات متطورة متحركة، وان الاجزاء التي اعترضتها تركيا هي جزء من هذه المنظومات.
كما لفتت الدراسة الى ان التجربة السابقة تظهر محدودية قدرات العاملين السوريين على تشغيل هذه الدفاعات، واثارت مخاوف في شأن احتمال وقوع هذه الانظمة الصاروخية بيد مجموعات متطرفة في حال استمرار المواجهات الحالية بين الثوار وقوات النظام.
وحسب الدراسة، فان استخدام نظام الاسد لقوته الجوية يظهر ضعفه المتزايد على الارض، معتبرة ان «ازدياد المقدرة العسكرية للمعارضة اجبر نظام الاسد على الاعتماد اكثر فاكثر على ترسانته»، وقالت انه «في يناير 2012، قام النظام للمرة الاولى باستخدام المدفعية على نطاق واسع في عموم انحاء سورية». وفي يونيو 2012، «بدأ النظام باستخدام المروحيات القتالية في شكل منتظم، وفي اغسطس 2012، بدأ النظام باستخدام المقاتلات في حملات تمشيط وقصف».
الا ان الدراسة رأت ان نظام الاسد استخدم مقاتلاته «بطريقة عقابية وانتقامية بدلا من استخدامها تكتيكيا». واعتبرت ان «معظم الضربات الجوية للنظام كانت لبلدات واحياء سكنية يسيطر عليها الثوار بدلا من استهدافه لاهداف عسكرية للثوار».
وتابعت انه على مدى الاعوام الاربعين الماضية، قام نظام الاسد بشراء اكثر من 600 مقاتلة حربية، وان اوامر الحرب السورية تقضي بالزج بمعظمها في المعارك، «لكن النظام استخدم عددا محدودا من المقاتلات في العام 2012، وبدرجات مختلفة من الفعالية».
على سبيل المثال، تقول الدراسة، «مروحيات (ام اي 8-17) لا تقدر على مهاجمة اهداف ارضية، واعتمد النظام على الرمي ببراميل متفجرة منها». واضافت انه «رغم الرقم الكبير لعدد مقاتلات الاسد، من غير المرجح ان ينجح الاسد في استخدام اكثر من 30 في المئة منها نظرا الى مشاكل مزمنة في الصيانة»، وانه «من غير المرجح ان يستخدم النظام اكثر من 200 طائرة، 150 مقاتلة و50 مروحية»، وان «الرقم الحقيقي قد يكون اقل من ذلك بكثير».
ولاحظت ان لدى الاسد مقاتلات «ميغ 25» و«ميغ 29» لم يستخدمها بعد، «ربما لانه يتركها احتياطا لهجوم جوي خارجي، او انه لا يمكنه استخدامها، وهي المصممة لمعارك جو - جو، في هجمات على اهداف ارضية... كذلك لم يشغل النظام مروحيات (غازيل) ربما لانه لم يضطر الى خوض مواجهة جيوش لديها دبابات».
وفي ابريل 2012، «وعلى اثر مكاسب مفاجئة للثوار في ادلب وحلب، قام النظام باستخدام المروحيات ضد القرى المحررة»، تقول الدراسة، «وفي مايو، بعدما شن الثوار هجمات ضد اللاذقية وادلب وحلب، بدأ النظام باستخدام المروحيات في شكل منتظم للتعويض عن قدرته على المناورة على الارض بعدما نجحت الالغام الارضية في اعاقة تحركات جنوده».
وفي اغسطس 2012، «بعدما صارت خطوط المعركة في حلب اكثر وضوحا، وبعدما استخدم النظام المروحيات الى اقصى قدر ممكن، بدأت القوة الجوية في استخدام المقاتلات بشكل مضطرد مستبدلة بذلك المروحيات».
وفسرت الدراسة التغيير في تكتيكات الاسد الجوية الى عاملين: الاول هو مشاكل صيانة تواجه المروحيات الخمسين المتوفرة للأسد لاستخدامها، والثاني هو ازدياد قدرات الثوار في اسقاط المروحيات، ما اجبر النظام على استخدام المقاتلات.
الدراسة أوضحت انه على رغم مزاعم المعارضة ان النظام يستخدم قوته الجوية في مناطق الجنوب، الا ان ذلك يبدو انه يحصل في شكل محدود جدا، وذلك على الارجح بسبب تفوق قوات الاسد ارضيا في الجنوب وفي محيط دمشق، وضعفها في حمص وادلب وحلب.
وختمت ان استخدام الاسد للقوة الجوية في صيف وخريف 2012 ادى الى ازمة انسانية متصاعدة، مما اعاد الى الواجهة الحديث عن تسليح الثوار بأسلحة قادرة على التصدي لطائرات النظام، كما تجدد الحديث عن ضرورة فرض حظر جوي دولي حول المناطق السورية المحررة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق