| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
حقق الرئيس باراك اوباما فوزا مؤكدا على منافسه الجمهوري ميت رومني في المناظرة الثالثة والاخيرة بينهما، اول من امس، باعتراف السياسيين والمحللين الجمهوريين كما الديموقراطيين. وكان الرئيس الاميركي حيويا وصارما، فيما بدا رومني مهزوزا.
رومني حاول تبني معظم مواقف اوباما، وجزم انه في حال انتخابه، لن يتدخل عسكريا في سورية، وانه موافق على الانسحاب من افغانستان في 2014، كما اثنى على نجاح الادارة في التخلص من الكثير من زعماء «تنظيم القاعدة».
اما الاختلاف الوحيد بين الرجلين فتمحور حول الملف الايراني، اذ جدد اوباما تمسكه بمبدأ معارضته حيازة ايران «سلاح نووي»، فيما قال رومني انه يعارض «حيازة ايران على مقدرات نووية»، وموقف رومني هذا اقرب الى الموقف الاسرائيلي، ويعني انه في حال انتخابه، سيعمل على دفع ايران الى وقف عملية تخصيب اليورانيوم برمتها وربما السماح لها بالحصول على كميات محددة من الوقود النووي او القضبان النووية الضرورية للابحاث والعلاجات الطبية.
وبرز الاختلاف حول ايران الى حد انه عندما طلب المحاور في شبكة «سي بي اس» بوب شيفر من المرشحين تحديد «الخطر الابرز» في رأيهما على الامن القومي للولايات المتحدة، اجاب اوباما «الشبكات الارهابية» فيما قال رومني «ايران النووية».
ومع ان المناظرة، التي جرت في ولاية فلوريدا، كانت مخصصة للسياسة الخارجية، الا ان المرشحين استطردا احيانا للحديث عن شؤون السياسة الداخلية.
كذلك، تركزت غالبية الحوار حول الشرق الاوسط، باستثناء العشرة دقائق ما قبل الاخيرة التي تم التطرق فيها الى علاقة الولايات المتحدة بالصين.
وكانت لاوباما فرصتين لمع فيهما على حساب منافسه. في الاولى، هاجم رومني اوباما، واتهمه بالعمل على تقليص موازنة وزارة الدفاع، وان ذلك سيؤدي الى تقليص عدد السفن الحربية من اكثر من 300 الى قرابة 250، وهو ما يجعل البحرية الاصغر في تاريخ اميركا منذ العام 1917. ووعد رومني بتخصيص ترليوني دولار اضافيتين لموزانة الدفاع على مدى العقد المقبل.
الا ان اوباما اجاب ان هدفه هو الحفاظ على تفوق نوعية الجيش الاميركية وتقنيته، لا عديده. وقال اوباما متوجها الى رومني ان الولايات المتحدة قلصت منذ العام 1916 «عدد الاحصنة والحربات» التي كان الجيش الاميركي يستخدمها في الحرب العالمية الاولى. واضاف: «لدينا كذلك اشياء ندعوها حاملات طائرات تهبط عليها مقاتلات، والسؤال ليس موضوع لعبة سفن حربية نعدد فيها السفن».
في مواجهة اخرى، اتهم رومني اوباما بزيارته لدول شرق اوسطية مثل مصر والسعودية وتركيا والعراق، ولكن من دون زيارته اسرائيل طيلة فترة ولايته الاولى، فما كان من اوباما الا ان تصدى لمنافسه بالقول «دعنا نقارن رحلاتنا»، متابعا «انا زرت اسرائيل عندما كنت مرشحا (في العام 2008)، وبدلا من ان اقيم عشاءات من اجل جمع التبرعات» للحملة الانتخابية على غرار ما فعل رومني، «زرت ياد فاشيم او متحف الهولوكوست للوقوف... وزرت (بلدة) سديروت وتفقدت بيوت عائلات سقطت في غرف نوم اولادهم صواريخ حماس، وتأملت لو كان هؤلاء اولادي».
وربما لأن رومني كان يعرف ان رصيد اوباما في السياسة الخارجية مرتفع في عيون غالبية الاميركيين، فهو انقلب على مواقفه السابقة، وفي مواقع معينة، عبر عن معارضته لحربي العراق وافغانستان، على عكس ما ينادي به الحزب الجمهوري. وفي احيان اخرى، حاول رومني الهجوم على اوباما لسياساته التي تشوبها «الكثير من الحروب»، مشددا على ضرورة انتهاج سياسات سلمية حول العلم، وهو الامر الذي يتنافى ايضا مع مواقف الجمهوريين ويناقض اوقات اخرى في المناظرة نفسها حينما اتهم رومني اوباما بانه قدم اعتذارات كثيرة لعواصم العالم باسم الولايات المتحدة.
وكان شيفر افتتح المناظرة بالحديث عن الهجوم على القنصلية الاميركي في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي، والتي راح ضحيتها اربعة اميركيين. وعلى عكس المتوقع، لم يشن رومني هجوما في هذا الاطار، فيما تباهى اوباما بنجاح اميركا في بناء تحالف دولي اطاح بمعمر القذافي «صاحب ثاني اكبر كمية من دماء الاميركيين على يديه بعد اسامة بن لادن»، وقال ان الحرب نجحت في الاطاحة بديكتاتور ليبيا من دون خسارة في الارواح الاميركية، وان المشاركة الاميركية انعسكت ايجابا بين الليبيين الذين تظاهروا تعبيرا عن ذلك.
اوباما بدوره شن هجوما «ليبيا» على رومني بالقول ان المرشح الجمهوري انتقد تورط اميركا في الحرب الليبية، قبل ان يوافق عليها فيما بعد، وهو دليل على تقلب رومني في مواقفه، على حد قول الرئيس الاميركي.
بعد ليبيا، انتقل الحوار نحو سورية حيث بدا تطابقا في موقف الرجلين، اذ شدد كل منهما رفضه لاي تدخل عسكري اميركي هناك، وعارض رومني صراحة امكان فرض اميركا لحظر جوي، واجمع الرجلان ان على بشار الاسد الرحيل، وان «ايامه صارت معدودة»، على حد قول اوباما، كما اتفق المرشحان على ضرورة العمل مع الحلفاء لمساعدة المعارضة السورية للاطاحة بالاسد ومد يد العون انسانيا للاجئين السوريين.
وبعد سورية جاءت ايران حيث نفى اوباما التقارير الاعلامية عن مفاوضات ثنائية بين واشنطن وطهران، مع انه جدد استعداده لها، وقال انه بوسع ايران الانضمام الى مجموعة الدول اذا ما تخلت عن طموحاتها النووية. اما رومني، فحاول الايحاء بأنه كان سيكون اكثر تشددل ضد ايران، لكنه في نهاية المطاف وافق على سياسة العقوبات الاقتصادية وعلى ضرورة استخدام الضربة العسكرية كحل اخير فقط.
وفي ردود الفعل الاولية، عنونت صحيفة «بوليتيكو» ان «اوباما مزق رومني في المناظرة الاخيرة»، فيما كتبت «واشنطن بوست» ان اوباما «ابقى رومني متراجعا».
وعلق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور جون كيري بالقول ان رومني ونائبه المرشح بول رايان هما «اكثر اثنين لا يتمتعان بخبرة في تاريخ اميركا الحديث» وان «خبرتيهما في الشؤون الخارجية هي صفر»، وان هناك «غياب في الوضوح في كل ما يقولانه تقريبا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق