الأحد، 21 أكتوبر 2012

مناظرة أوباما - رومني الثالثة والأخيرة الليلة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يستعد المرشحان الرئيس باراك اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني للمناظرة الثالثة والاخيرة بينهما، الليلة، والتي ستتمحور حصرا حول السياسة الخارجية.
وتأتي المناظرة، التي ستقام في ولاية فلوريدا الجنوبية وسيديرها الاعلامي بوب شيفر، قبل 15 يوما من الانتخابات المقررة في 6 نوفمبر، وسيحاول خلالها الرئيس الاميركي الاشارة الى ما يعتبرها انجازاته في السياسة الخارجية، والتي يتفوق فيها الديموقراطيون على الجمهوريين للمرة الاولى منذ عقود، حسب استطلاعات الرأي الاميركية.
وعلى غرار المناظرتين السابقتين، اقام اوباما معسكرا تدريبيا في المقر الرئاسي في كامب دايفيد، بمشاركة كبار مستشاريه والسناتور جون كيري، الذي يلعب دور رومني اثناء الحلقات التدريبية. 
واستباقا لهجوم رومني المتوقع اثناء المناظرة على اداء اوباما لما يعتبره الجمهوريون «فشل» الادارة في التعاطي مع الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي، والذي راح ضحيته اربعة اميركيين منهم السفير كريس ستيفينز، قام فريق اوباما بتسريب المعلومات التي تسلمتها الادارة من «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) حول وقائع الحادثة الى الصحافي دايفيد اغناتيوس.
وكتب اغناتيوس في صحيفة «واشنطن بوست»، اول من امس، ان وثائق الاستخبارات تتطابق مع المعلومات التي قدمها مسؤولو الادارة الى العلن في الايام والاسابيع التي تلت هجوم بنغازي. 
وورد في وثائق الـ «سي آي اي»، حسب اغناتيوس، ان «المعلومات المتوافرة (بعد الهجوم مباشرة) تشير الى ان التظاهرات في بنغازي كانت عفوية، والهمتها التظاهرات (ضد الفيلم المسيء للمسلمين) امام السفارة الاميركية في القاهرة، ثم ما لبثت ان تحولت تظاهرة بنغازي الى هجوم مباشر على القنصلية، وتاليا على المبنى الملحق بها». 
واضافت الوثيقة ان «هناك مؤشرات تدل على ان متطرفين شاركوا في التظاهرة العنفية»، وان «هذا التقييم قد يتغير مع توافر معلومات اضافية يتم جمعها وتحليلها وفيما يتم اجراء المزيد من التقييم على المعلومات الحالية». 
التغيير في تقييم الـ «سي آي اي» لاحداث بنغازي انعكس في تصريحات مسؤولي ادارة اوباما، وهو ما قاله نائب الرئيس جو بيدن اثناء مناظرته مع منافسه الجمهوري عضو الكونغرس بول رايان قبل اسبوعين.
لذا، يعتقد اغناتيوس، المقرب من ادارة اوباما، ان فريق حملة رومني قد يكون اخطأ عندما قرر ان يسلط الضوء على ما اسماه «فشل» اوباما بتهمة «التقلب» في رواية احداث بنغازي.
ومن معسكر رومني، لم ترشح اي معلومات حول الخطوط العريضة التي ينوي المرشح الجمهوري اثارتها في المناظرة، اذ من دون احداث بنغازي، لا يوجد الكثير من الاختلاف بين المرشحين في السياسة الخارجية، بل ان اوباما ابلى بلاء حسنا من وجهة نظر معظم الاميركيين.
وما يجعل من مهمة رومني اصعب هو ان جولته الخارجية في الصيف تحولت الى كارثة، وادت الى ردود فعل سلبية لدى حلفاء اميركا في بريطانيا وبولندا، كما لدى الفسلطينيين اثر زيارته اسرائيل.
وعشية المناظرة، اصدر «معهد بيو» استطلاعا للرأي اظهر ان غالبية الاميركيين يعبرون عن تشاؤمهم حيال «الربيع العربي». 
واظهر الاستطلاع ان نسبة من يعتقدون ان «التغيير في القيادة السياسية في الدول العربية كليبيا ومصرسيؤدي الى تحسينات ايجابية» انخفضت من 42 في المئة في ابريل الى 25 في المئة اليوم. كذلك، ارتفعت نسبة الاميركيين ممن يعتقدون ان «الربيع العربي» لن يؤدي الى تحسينات من 43 الى 57 في المئة.
كما اظهر الاستطلاع انخفاض نسبة الاميركيين المؤيدين لقيام حكومات ديموقراطية عربية على حساب الاستقرار في المنطقة من 37 في المئة الى 30، فيما اعرب 54 في المئة عن تأييدهم لحكومات عربية مستقرة، حتى وان كانت حكومات غير ديموقراطية.
واعتبرت غالبية 63 في المئة من الاميركيين انهم يريدون ان يروا بلادهم «اقل مشاركة في التغييرات في القيادة السياسية في الشرق الاوسط»، فيما اعتبر 23 في المئة فقط انهم يريدون ان يرون بلادهم «اكثر مشاركة».
ومع ان غالبية الاميركيين تريد ابتعاد واشنطن عن شؤون الشرق الاوسط عموما، الا ان الغالبية تبدو مؤيدة لفكرة المواجهة مع ايران لمنع طهران من حيازة اسلحة نووية، اذ جاء في الاستطلاع ان نسبة من يؤيدون «الموقف الحازم» ضد ايران ارتفعت من 50 في المئة في ابريل الى 56 في المئة اليوم، فيما انخفضت نسبة المطالبين بتفادي الصراع الاميركي العسكري مع ايران من 41 الى 30 في المئة.
وبالنظر الى المزاج الشعبي الاميركي، ومع ظهور دلائل جديدة تشير الى ان ادارة اوباما لم تخطئ في موضوع بنغازي وانما تصرفت حسب المعلومات التي قدمتها اجهزة الاستخبارات المستقلة، يبدو ان سياسة اوباما تراعي الشعور الاميركي وتحوز على رضاه، ما يجعل من مهمته الليلة اسهل منها في المناظرتين السابقتين.
ومن المتوقع ان يكرر اوباما لأزمته المعروفة انه نفذ وعوده بالانسحاب من العراق، وبتحديد تاريخ للانسحاب من افغانستان، واعادة تركيز الانتباه الاميركي على المواجهة مع تنظيم «القاعدة» ما ادى الى تصفية زعيمه اسامة بن لادن. 
اما رومني، فسيحاول القاء اللائمة على اوباما لما يعتبره الجمهوريون ابتعاد واشنطن عن حليفتها اسرائيل، وفشلها في ثني ايران عن استمرارها في تخصيب اليورانيوم. كما من المتوقع ان يستخدم رومني شعارات شعبوية ليوجه الاتهامات الى الادارة الحالية بتقاعسها عن المساهمة في الاطاحة بنظام بشار الاسد في سورية.
اما تأثير هذه المناظرة على شعبية المرشحين فمن المتوقع ان يكون محدودا نظرا لتركيزها على شؤون السياسة الخارجية فقط.
في هذه الاثناء، اظهر11 من اصل 13 استطلاعا للرأي مختلفا ان اوباما مازال يحافظ على تقدم ثابت على رومني في الولايات المتأرجحة، فيما اشارت بعض الاستطلاعات على صعيد الولايات المتحدة ككل تقدما ملحوظا للرئيس الاميركي الذي صار يتساوى مع منافسه الجمهوري، في وقت صار السباق يبدو حاميا، ما يعني ان نتيجته لن تحسم حتى موعد اقفال الصناديق يوم الانتخاب.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008