حسين عبد الحسين
في “غرفة الأوضاع” في قبو البيت الأبيض جلس الرئيس السابق جورج بوش وأركان “مجلس الأمن القومي” وعقدوا جلسة مباحثات عبر الفيديو في بغداد مع الجنرال دايفيد بترايوس ومساعده راي اوديرنو والسفير السابق الى العراق ريان كروكر.
أثار بترايوس ما وصفها بـ”الثقة الزائدة في النفس” لدى رئيس حكومة العراق نوري المالكي بقدراته القيادية وبقدرات الجيش العراقي، ووافق اوديرنو وكروكر رأي بترايوس، فأجابهم بوش ممازحا: “بإمكاني ان اقرضه لافتتي المهمة انجزت (ميشين أكومبليشد)”. تلك اللافتة التي ارتفعت في الخلفية عند إلقاء بوش خطابا على حاملة طائرات على اثر دخول الأميركيين بغداد، علقت في ذهن كثيرين في السنوات التي تلت وشهدت مأساة العراق الدموية، ثم تحولت اللافتة الى مادة لتندر الكثيرين حول ثقة بوش بانتصاره في ذلك الوقت الذي اتضح في ما بعد انه كان عبارة عن سراب.
هذه الطرفة وغيرها وردت في الكتاب الممتع “نهاية اللعبة: قصة الصراع من أجل العراق من جورج بوش ألى باراك اوباما” الذي ألفه مايكل غوردون والجنرال برنارد تراينر.
وجاء في الكتاب ايضا انه أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية قبل عامين، طلب اوباما من الرئيس العراقي جلال الطالباني التنحي من اجل تسهيل مهمة التشكيل، الا ان الطالباني رفض طلب نظيره الأميركي.
قول الكتاب: “بالمقارنة بالجلسات عبر الفيديو الاسبوعية التي كان يعقدها بوش مع العراق، اقتصر دور اوباما مع زعماء العراق على الحد الادنى، وهو ما ظهر جليا اثناء تشكيل الحكومة (العراقية) في العام 2010 عندما اتصل اوباما بالطالباني، الذي كان اوباما بالكاد يعرفه، وطلب منه التنحي، وهو طلب تم رفضه”. ويضيف: “في الواقع، تظهر هذه الواقعة ان اوباما، على غرار بوش، كان يحاول هندسة حكومة عراقية جامعة ولكنه فشل”.
ويتابع الكتاب انه “صحيح ان ادارة اوباما انهت الحرب في العراق، ولكنها فعلت ذلك بشروط كان تفاوض حولها سلفه”، وان اميركا تركت العراق “من دون دفاعات جوية”، وان “سماء العراق هي ممر جوي من دون حراسة، مفتوح لشحنات السلاح الايرانية الى نظام (بشار) الاسد”، وان “ديبلوماسيي وزارة الخارجية مقيدون داخل عدد من المجمعات المحمية “داخل العراق. “حتى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) خفضت من عدد ضباطها في بغداد”، حسب الكتاب.
الكتاب يصف ببراعة فشل المجهود الاميركي في بناء ديمقراطية في العراق، ويقول: “مع حلول الوقت الذي غادر فيه الجيش الاميركي، لم يكن العراق قد حقق سمة اساسية تتمتع بها اي ديمقراطية ناجحة والتي تتمثل بتسليم السلطة سلميا الى حزب معارض”.
ويلفت الكتاب الى ان فشل قيام ديمقراطية في العراق هو امر خطير، ويشير الى مقابلة ادلى بها نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الى “صحيفة نيويورك تايمز” في العام 2010 وقال فيها “انه من المهم ان يصبح (العراق دولة) ديمقراطية لانها الوسيلة الوحيدة لابقاء شعب متنوع، لديه تاريخ وقابلية لذبح بعضه البعض، متماسكا”. في حال غياب الديمقراطية، “يصبح في العراق حكومة استبدادية تساهم فقط في بناء الكراهية والعداء، الذي سوف ينفجر اخيرا” – حسب بايدن.
ومما جاء في الكتاب ان اوباما رأى العراق “لا كفرصة، وانما حقل ألغام ورثه (من بوش)، وكان عليه ان يرسم طريق الخروج منه في اسرع وقت ممكن”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق