| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
على وقع الانباء السارة للرئيس باراك اوباما والتي اشارت الى تحقيق الاقتصاد الاميركي نموا اكبر من المتوقع للفصل الثالث من هذا العام بلغ 2 في المئة، اظهرت احدث استطلاعات الرأي تقدما طفيفا للرئيس الاميركي الذي يسعى الى ولاية ثانية في مواجهة منافسه الجمهوري ميت رومني.
بيد ان اوباما وجد نفسه فجأة في مواجهة ما لم يكن في الحسبان مع اقتراب «الاعصار ساندي» من الشواطئ الشمالية الشرقية للولايات المتحدة، حيث يتوقع ان يتجه غربا، وان يشمل مساره عددا من الولايات التي يعول عليها الرئيس الاميركي لتحقيق انتصاره.
واذا ما اثر الاعصار، او نتائج الدمار التي من المتوقع ان يتركها، على كثافة الاقتراع، فان المتضرر الاكبر سيكون اوباما نفسه لان «ساندي» سيسير في ولايات ديموقراطية، فيما الولايات الجنوبية المؤيدة لرومني والجمهوريين ستبقى في منأى عنه، وتاليا تتحرك القاعدة الجمهورية بكثافة انتخابية اكبر.
أما في الولايات المتأرجحة، فنتائجها ستتأثر بحسب مسار الاعصار وبحسب المقاطعات التي سيشملها وتلك التي سيحيد عنها.
ويقول لاري ساباتو، الخبير في جامعة فيرجينيا، انه «اذا ما قيض لاوباما تحديد مسار الاعصار، الذي سيؤدي كذلك الى عاصفة ثلجية مثلا في ولاية فيرجينيا، فهو سيرسله الى وادي شاناندوا والى جنوب غرب الولاية حيث يريد اقبالا منخفضا في هذه المناطق ذات الاغلبية الجمهورية».
ويضيف ساباتو: «اما اذا قيض لرومني تحديد مسار العاصفة الثلجية، فهو سيرسلها الى الممر الممتد من فيرجينا الشمالية (ضواحي واشنطن العاصمة) جنوبا الى (عاصمة فيرجينيا مدينة) ريتشموند، اذ ان اصوات اوباما في هذه الولاية ستأتي من هذه المناطق».
وتأتي هذه التوقعات في وسط حديث حول استمرار برودة القاعدة الناخبة للحزب الديموقراطي، في مقابل سخونة الجمهوريين. لذا، تصب الماكينة الانتخابية لاوباما اهتمامها على «اخراج الصوت»، اي محاولة تحفيز المؤيدين. كذلك، عمدت حملة الرئيس الاميركي الى الدعوة الى التصويت المبكر في الولايات التي تسمح بذلك، وفي هذا السياق، قام الرئيس باراك اوباما نفسه بالادلاء بصوته، يوم الجمعة، ليصبح اول رئيس اميركي يقترع قبل يوم الانتخابات.
حملة الاقتراع المبكر انعكست ايجابا على الديموقراطيين، حسب النتائج الاولية، خصوصا في الولايات المصيرية مثل اوهايو المتأرجحة، والتي تقع في مسار «الاعصار ساندي»، فان سارت العاصفة في شمال الولاية الغربي وادت ثلوجها الى تعطيل الحياة فيها، تتراجع حظوظ اوباما بالفوز، وان مرت العاصفة في المناطق الريفية للولاية حيث التأييد الشعبي لرومني، يتأذى المرشح الجمهوري وتتراجع حظوظه للفوز بالولاية.
في هذه الاثناء، اظهرت الارقام ان حملة اوباما نجحت بالاتصال «شخصيا» بـ 22 في المئة من الناخبين لحثهم على الاقتراع يوم 6 نوفمبر، فيما تفوقت عليها حملة رومني التي اتصلت بـ 23 في المئة من الناخبين.
ويعقد مناصرو الحزبين «حفلات» اتصالات تطوعية في المساء في منازلهم، ويقومون بالاتصال بارقام الهواتف التي يزودهم بها مسؤولو الحملات الانتخابية والتي غالبا ما تعود للمؤيدين والمتبرعين. وفي العام 2008، تفوقت «اتصالات» انصار اوباما بناخبيهم بسبع نقاط مئوية على منافسه الجمهوري السناتور جون ماكين.
النشاط الانتخابي لماكينة اوباما، مترافقا مع الاداء الجيد لاوباما في المناظرتين الرئاسيتين الاخيرتين، نجحا في وقف التقدم الشعبي لرومني على اثر الحاق المرشح الجمهوري الهزيمة بمنافسه الديموقراطي في المناظرة الرئاسية الاولى في الثالث من اكتوبر.
وحسب الخبير في شبكة «اي بي سي» الاخبارية غاري لانغر، «استقرت حماسة مؤيدي رومني بعدما ارتفعت في شكل هائل بعد المناظرة الاولى». واعتبر لانغر ان «حماسة مؤيدي رومني لم تتقدم ولم تتراجع منذ مطلع هذا الاسبوع، وتساوت مع حملة اوباما من دون ان تتقدم عليها».
في هذه الاثناء تعاني استطلاعات الرأي الاميركية من تضارب كبير في نتائجها الى حد صار ينتقص من مصداقيتها، فضلا عن ان بعض الاستطلاعات تصدر عن مراكز معروفة بولائاتها الحزبية، مثل راسموسن الجمهوري، و«بي بي بي» الديموقراطي.
لكن خبراء مثل نايت سيلفر توصلوا الى معادلات تأخذ بعين الاعتبار الانحياز الحزبي، وتتوصل الى معدلات يمكن الاستخلاص منها الاتجاه الشعبي العام.
سيلفر اعتبر ان اربع ولايات هي اوريغون ونيومكسيكو ومينيسوتا وميشيغان كانت في خانة المتأرجحة قبل اشهر، لكنها اصبحت محسومة في خانة اوباما اليوم، وهذا بمثابة نجاح سياسي للحزب الديموقراطي خصوصا في ميشيغان، الولاية التي نشأ وترعرع فيها رومني والتي تم انتخاب والده جورج محافظا لها في الستينات.
ولاية بنسلفانيا، التي كانت متأرجحة يوما، يبدو انها استقرت لمصلحة اوباما كذلك، اذ تشير معظم الاستطلاعات هناك الى تقدمه بمعدل خمس نقاط مئوية، يقول سيلفر، الذي يعطي اوباما نسبة 90 في المئة للفوز في الولاية التي «لا تتقلب كثيرا».
كذلك مازال اوباما متقدما في ولايتي ويسكونسن ونيفادا. ويقول سيلفر: «فيما مازال لرومني بعض الحظوظ للفوز في اي من الولايتين المذكورتين، لم يتقدم رومني على اوباما منذ المناظرة الاولى الا في استطلاع واحد في نيفادا، ولم يتقدم في اي استطلاع ويسكونسن».
ويتابع: «اذا ما فاز اوباما في ويسكونسن ونيفادا، فضلا عن ميشيغان، وهو يحقق فيها كلها تقدما واضحا في الاستطلاعات، يصبح في حوزته 253 من اصل 270 من اصوات الكلية المطلوبة لفوزه بولاية ثانية، ما يعني انه سيكون بحاجة الى 17 صوت كلية فقط، واوهايو واصواتها الـ 18 هي الاكثر ترجيحا لان تقدم له الفوز».
ويعتقد سيلفر ان حظوظ اوباما للفوز باوهايو هي 75 في المئة، وانه من الممكن ان يضيف اليها اصوات نيوهامبشير وآيوا، والتي يبدو انه يتقاسمها مناصفة حتى الآن مع رومني. كذلك تظهر ولاية كولورادو المتأرجحة تقدما طفيفا لاوباما.
اما في فيرجينيا حيث الصراع مع رومني على اشده، يبدو التكهن بالفائز شبه مستحيل.
وفي الولايات المتأرجحة التي يبدو ان رومني حصدها، وان حظوظ اوباما فيها اصبحت معدومة، تظهر نورث كارولاينا وفلوريدا.
في ظل هذه الصورة المعقدة، عاد اوباما الى الصدارة التي كان يتمتع بها قبل المناظرة الرئاسية الاولى، حسب معادلة سيلفر، الذي اعطى الرئيس نسبة 74 في المئة للفوز، فيما تراجع رومني الى 26 في المئة، من 35 في المئة قبل اسبوعين.
واللافت انه على الرغم من حظوظ اوباما المتقدمة بسبب تفوقه في عدد اصوات «الكلية الانتخابية»، الا ان معظم استطلاعات الرأي ما زالت تشير الى تأخره في الشعبية عموما عن رومني بواقع نقطة الى خمس نقاط مئوية، وهو ما دفع اكثر الخبراء الى اعتبار ان نتائج الانتخابات قد تأتي مشابهة للعام 2000 حيث فاز نائب الرئيس السابق بالاغلبية الشعبية، فيما تفوق جورج بوش الابن في عدد اصوات «الكلية الانتخابية»، وانتزع تاليا الرئاسة من الديموقراطيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق