الجمعة، 4 أكتوبر 2013

مسؤول أميركي كبير لـ «الراي»: إيران وروسيا تتسابقان لإنجاز التسوية السورية معنا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يكد الرئيس الاميركي باراك أوباما يعلن قبوله الحلول الديبلوماسية بديلا من استخدامه القوة العسكرية في سورية، حتى ظهرت بسرعة تسويات مرتبطة بجداول زمنية محددة. روسيا حددت مهلة تسعة اشهر لإنجاز تسليم الرئيس السوري بشار الاسد ترسانته الكيماوية وتدميرها، ثم اطل الرئيس الايراني حسن روحاني ليعلن ان تسوية طهران مع الغرب حول ملفها النووي ستحدث في فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة وستة اشهر. 
وقال مسؤول اميركي رفيع المستوى لـ «الراي»، مشترطا عدم ذكر اسمه، انه «كلما ازدادت مؤشرات امكانية حدوث انفتاح اميركي - ايراني، خصوصا لناحية اضافة كرسي لطهران على طاولة المفاوضات السورية في جنيف، رأينا الحاحا اكثر لدى الروس، لا لتأكيد تنفيذ اتفاقية كيري - لافروف حول نزع الاسلحة الكيماوية واصدارها بقرار في مجلس الامن، بل رأينا الروس يسعون الى توسيع الاتفاقية لتشمل حلا سياسيا متكاملا».
وفي الاتفاق الاولي بين واشنطن وموسكو، كان من المفروض ان يصدر قرار في مجلس الأمن ينحصر بموضوع تسليم الاسد ترسانته الكيماوية، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اصر على اضافة «الحل السياسي» الى الموضوع الكيماوي، وهكذا، جعل من اتفاقية جنيف الاولى اساسا للتسوية السياسية التي تم تثبيتها في قرار مجلس الامن رقم 2118.
اما اهمية اتفاقية جنيف الاولى، حسب المسؤولين الاميركيين، «فهي انها تنص على انتقال الصلاحيات التنفيذية بالكامل من الاسد الى حكومة انتقالية، وهو ما يعني ضمنا انتهاء دور الاسد كرأس هرم السلطة التنفيذية في سورية، اي خروجه منها».
ورغم ان القرار 2118 تضمن ضرورة محاسبة المسؤولين عن الهجوم الكيماوي في 21 اغسطس في ضواحي دمشق، الا انه اشار الى محاسبة «الافراد»، ما يقطع الصلة بين الرئيس والمرؤوس ويستثني المسؤولين ومن بينهم الاسد وكبار مساعديه، حتى لو كانوا هم من اصدر الامر بالهجوم، حسب المسؤول الاميركي. 
اما اصرار روسيا على استثناء «رؤساء الدول» من المحاسبة فلم يكن المرة الاولى، فقد سبق لموسكو ان اصرت على استثناء الاسد في قرار انشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الصادر عن مجلس الأمن في العام 2007 تحت رقم 1757. ويعتقد عدد من المسؤولين الاميركيين ان سبب اصرار روسيا على الاستثناء لا يتعلق بسورية او بالاسد، بل برؤية الروس للامم المتحدة واعتقادهم ان لا دور لها في محاسبة رؤساء الدول.
اما لماذا اصرت موسكو على عدم اصدار القرار 2118 تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة، والذي يجيز استخدام القوة؟ يعتقد المسؤول الاميركي ان احد اسباب رفض لافروف سببه ان «الروس يدركون انه ان اصبحت الامور حول مصير الاسد تلقائية في المحافل الدولية، فان روسيا تخسر اداة اساسية في تأثيرها في قرار الاسد، الذي سيرتمي حينذاك تماما في احضان الايرانيين ويذهب في مواجهة لا مخرج له منها».
وقال المسؤول الاميركي ان «روسيا لا تريد ان تصبح سورية تحت نفوذ الولايات المتحدة او حلفائها في المنطقة، ولكنها لا تريد في الوقت نفسه ان تصبح سورية محافظة ايرانية».
اما مهلة التسعة اشهر، فهي المدة الزمنية المطلوبة التي اتفق عليها الخبراء الاميركيون والروس للتخلص من ترسانة الاسد الكيماوية. ويعقتد الخبراء انه من اصل الف طن مواد كيماوية سورية، 700 منها غير ممزوجة، اي انها في حالتها الطبيعية ويمكن التخلص منها بسهولة. كذلك، يمكن للأسد التسليم، وبسرعة، للادوات التي يستخدمها جنوده لقياس ومزج المواد الكيماوية ووضعها في رؤوس القذائف المدفعية او الصواريخ التي ينوي استخدامها كيماويا.
ويتابع المسؤول الاميركي ان بلاده «لمست اصرارا جديا من الروس بالتزام مهلة التسعة اشهر لتسليم وتدمير ترسانة الاسد النووية، وحتى الساعة، شهدنا التزاما منهم ومن الاسد في تسليم بيانات المواد الكيماوية في الموعد المحدد وفي السماح للمفتشين بدخول سورية على وجه السرعة، على عكس في المرات الماضية». 
في اثناء العمل على التخلص من ترسانة الاسد الكيماوية، يأمل الروس في عقد مؤتمر في جنيف بحضور الفصائل السورية المختلفة ورعاية دولية من اجل التوصل الى حل سياسي، حسب المسؤول الاميركي.
ويبدو ان ايران، التي حاول وفدها اثناء المفاوضات النووية مع مجموعة دول خمس زائد واحد اثارة الموضوع السوري على مدى السنتين الماضيتين، من دون ان يلقى ردة فعل ايجابية، ادركت ان التسوية الروسية - الاميركية يمكن ان تنجح في سورية من دون ايران، ما يقلص من فرص ايران في الابقاء على نفوذ لها في سورية في مرحلة ما بعد الاسد.
هكذا، قررت طهران التسريع في التوصل الى تسوية تسمح لها «ببناء الثقة» من اجل الانتقال الى التعاون في امور اخرى مثل سورية، على حد قول الرئيس باراك أوباما.
ولم تكد ايران تشهر جديتها في التوصل الى تسوية نووية من اجل مشاركتها في مؤتمر جنيف حول سورية، حتى اعلن المسؤولون الروس ان نظام الاسد لا يمانع مشاركة فصائل مسلحة في مؤتمر جنيف. وان ثبتت نية نظام الاسد الحوار مع المعارضة المسلحة، يكون سجل تراجعا عن موقفه السابق المتمسك بشرط مشاركة ما يسمى «معارضة الداخل» حصرا في مؤتمر جنيف.
«هو نوع من السباق على التسوية في سورية وعلى تثبيت النفوذ في مرحلة ما بعد التسوية»، يقول مسؤولون اميركيون، وهو ما يجعل من فرص التوصل الى تسوية اكبر». اما خيارات الاسد، «فهو لا يمكنه التخلي عن القوة التي تحميه دوليا»، اي روسيا، «ولا عن القوة التي تدعمه على الارض بتقديمها المال والسلاح والمقاتلين».
لكن ماذا يحدث عندما تدخل القوتان الداعمتان له في مبارزة لإثبات حسن النوايا لواشنطن وللسباق من اجل التوصل الى تسوية مع اميركا تسمح لأي منهما الانفراد في بسط نفوذهما على سورية في مرحلة ما بعد الأسد؟

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008