| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في اليوم السابع للجولة الاخيرة من المفاوضات بين مجموعة دول «5+1» وايران حول ملف الاخيرة النووي، لم ترشح اي انباء حول اختراق يأمل المفاوضون ان يؤدي الى إنهاء الوضع العالق وتوقيع اتفاقية نهائية.
وكبادرة حسن نية، وافقت الدول الكبرى على الإفراج عن 13 طناً من الذهب الإيراني الذي كان مخزوناً على متن ناقلة بحرية في جنوب إفريقيا بسبب العقوبات. وتبلغ قيمته نحو نصف مليار دولار، ومن شأن وصوله إلى خزائن مصرف ايران المركزي لجم التضخم المالي وإنعاش سعر العملة الايرانية ورفْع سعرها مقابل عملات العالم.
لكن الانباء السيئة التي رافقت جولة المفاوضات المكثّفة سيطرت على المجتمعين في فيينا. وعلمت «الراي» من مصادر اميركية قريبة من الوفد المفاوض ان زيارة مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية كريستيانو امانو «لم تكن موفّقة» حتى الآن، وأن المفاوضين كانوا تأملوا في ان تؤدي زيارته الى توصّله الى اتفاق مع الحكومة الإيرانية حول تطبيقها البروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
والبروتوكول الاضافي هو نص أضافته الوكالة الدولية إبّان اكتشافها ان البرنامج النووي لصدام حسين كان أكثر تقدماً بكثير مما كانت تعتقد، ما حدا بها إلى إقرار نص يسمح للمفتشين الدوليين بزيارة «أي موقع في أي وقت».
ويقول الاميركيون ان الايرانيين كرروا لأمانو ان «كمية المعلومات» التي تزوّد طهران الوكالة بها كافية، وان التعاون اكثر من ذلك «يمسّ بالسيادة الإيرانية»، في دلالة على تمسّك الايرانيين برفضهم فتْح ابواب «قاعدة بارشين» العسكرية، التي تعتقد الاستخبارات العالمية ان النظام الايراني اجرى فيها ابحاثاً حول إمكانية تسليح صواريخ باليستية برؤوس نووية.
ومع استمرار الوضع عالقاً ومعلّقاً بين الطرفيْن، قال الاميركيون للايرانيين ان «الخروج من فيينا من دون اتفاق» يعني العودة حتى عن «اتفاقية العمل المشتركة»، التي تم إقرارها في جنيف في نوفمبر 2013، والتي سمحت برفْع جزْء من العقوبات المفروضة على ايران، مقابل تجميد ايران جزء من نشاطاتها النووية.
والناشطون الاميركيون المعارضون للاتفاقية النووية المتوقّعة مع ايران - ومعظمهم من اصدقاء إسرائيل - يحاولون التركيز على «عدم التزام إيران» حتى بمفاعيل اتفاقية جنيف الموقتة، وهو مؤشر على عدم نيّتها الالتزام ببنود اي اتفاقية نهائية. ويستدل هؤلاء على عدم التجاوب الايراني بالاشارة الى تقرير صادر عن «معهد العلوم والأمن الدولي» في واشنطن، جاء فيه انه «عندما صار جلياً ان ايران لم تفِ بالتزامها تحويل اليورانيوم المنخفض التخصيب الى يورانيوم مؤكسد، غيّرت الولايات المتحدة من معاييرها المفروضة على ايران للالتزام بما تعهّدت به».
واضاف المعهد ان «تعديل واشنطن تفسيرها لبنود الاتفاقية الموقتة امر يثير القلق مما يمكن ان تفعله حكومة الرئيس باراك أوباما في تفسيرها ومراقبتها تطبيق ايران لأية اتفاقية نهائية».
وعلى الرغم من بادرة حسن النية القاضية بالافراج عن الذهب الايراني، لم تتوان ايران في الرد على التهديد الاميركي بالعودة الى مرحلة ما قبل اتفاقية جنيف، وهو ما من شأنه التسبّب بأزمة خانقة للاقتصاد الايراني. هكذا، عقد مسؤول كبير في الوفد الايراني جلسة مع الصحافيين المشاركين في تغطية وقائع المفاوضات في العاصمة النمساوية، وقال لهم - بعد أن طلب عدم ذكر اسمه - إن إنهاء مفاعيل اتفاقية جنيف الموقتة من دون التوصّل الى اتفاقية نهائية تجعل ايران في حلّ من التزامها تجميد جزء من برنامجها حسبما تفعل حالياً. وهدد المسؤول الايراني بعودة طهران الى «تخصيب اليورانيوم بشكل لا سابق له»، على حد قول صحافيين ممن شاركوا في الجلسة.
هكذا، فيما كانت واشنطن تقدم بوادر حسن نيّة بالافراج عن ذهب ايران، كان مسؤولون في الوفد الايراني يهددون بالعودة الى التصعيد نووياً في حال خروج الوفود من فيينا من دون التوصّل لاتفاقية نووية نهائية، وهذه تبدو متعذّرة في ظل رفْض طهران تطبيق «البروتوكول الإضافي» حسبما تفسّره الوكالة الدولية.
هل يحصل اختراق مفاجئ في الأيام التي تسبق الموعد النهائي المحدّد للتوصّل لاتفاق، وهو يوم الثلاثاء، ام تخرج الوفود من فيينا على غرار ما فعلت في لوزان، حيث خرجت من دون اعلان ولا مصافحة، وقدم كل منها نص وثيقة تفاهم رفَض الفريق الآخر الاعتراف بها؟
لا يمكن للوفد الاميركي التكهّن بما قد يحصل اثناء المفاوضات الجارية في فيينا، وهو يقول انه كالجميع، ينتظر موافقة الايرانيين، وانه في هذه الاثناء، «ينتظر ويراقب» كما يفعل كثيرون حول العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق