الاثنين، 18 سبتمبر 2017

إسرائيل قلقة من «حزب الله» في سورية... لا في لبنان

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

على الرغم من ضخامة المناورات التي أجراها الجيش الاسرائيلي وحاكى فيها إمكانية اقتحامه لبنان والقتال في قراه وبلداته، وعلى الرغم من التهديد والوعيد المتبادل بين اسرائيل و«حزب الله»، يستبعد أصدقاء إسرائيل في العاصمة الاميركية ان تنخرط تل أبيب في حرب ضد الحزب في لبنان.

ويقول أصدقاء اسرائيل، ومنهم كثيرون على تنسيق وتماس متواصل مع المسؤولين في تل أبيب، ان ما يشغل بال الاسرائيليين ليس «حزب الله» في لبنان، بل «حزب الله» في سورية.

ويشرح هؤلاء بالقول ان حرب يوليو 2006 أرست قواعد اشتباك بين القوة العسكرية الاسرائيلية وميليشيا «حزب الله»، وان العقيدة الاسرائيلية لأي مواجهة عسكرية مقبلة مع اللبنانيين معروفة بـ «عقيدة الضاحية»، أي أن الاسرائيليين سيعمدون الى ايقاع أكبر قدر من الخسائر في البنيان والبنية التحتية اللبنانية، خصوصاً في المناطق التي يسكنها مناصرو الحزب ومؤيدوه.

دفاعياً، يبدو أن المؤسسة العسكرية الاسرائيلية تتوقع ان يعمد مقاتلو «حزب الله» الى اقتحامات ومحاولة القيام بهجمات ضد اسرائيليين، خصوصاً في القرى الشمالية الاقرب للحدود اللبنانية. وقد يحاول الحزب تنفيذ اختراقات عبر أنفاق تحت الأرض خلف الخطوط الاسرائيلية، كما فعلت «حماس» في حرب غزة الأخيرة، إما للاشتباك مع الجنود الاسرائيليين وايقاع عدد كبير من القتلى في صفوفهم، وإما لمحاولة أسر أفراد منهم.

إسرائيل، حسب اصدقائها في واشنطن، متحسبة لمعظم السيناريوهات، وهي تعتقد أنها - في حال نشوب اي حرب مع الحزب اللبناني - لن تسمح لمقاتليه بالتقاط أنفاسهم والمبادرة لشن هجمات واقتحام أراض إسرائيلية، بل هي ستعمل على نقل ساحة القتال الى الداخل اللبناني، وهو ما يجبر الحزب على القتال دفاعياً لا هجومياً، وتالياً يبعد خط الجبهة شمالاً بعيداً عن البلدات الاسرائيلية، باستثناء الهجمات الصاروخية، التي تعتقد تل أبيب أن دفاعات «القبة الحديد» ستلعب هذه المرة، على عكس العام 2006، دوراً في اصطياد عدد كبير منها، إن لم يكن غالبيتها.

لكن كل هذه السيناريوهات هي من باب التحسب واليقظة، وإسرائيل تعتقد انه بسبب صعوبة فتح الجبهة اللبنانية، تحاول ايران و«حزب الله» إقامة بنية تحتية لشن حرب انطلاقاً من سورية، حيث «عقيدة الضاحية» متعذرة، إذ ان الحزب يقاتل في أراض لا يعيش فيها أنصاره ومؤيدوه. كذلك، لا نفع في شن اسرائيل ضربات ضد أهداف تابعة للحكومة السورية الفاقدة للسيطرة، فمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على هجمات قد يشنها «حزب الله» من أراض سورية لا تأتي بفائدة.

ويعتقد بعض الخبراء الاميركيبن ان الأسد يدرك إصرار اسرائيل على إعادة سيادته على الاراضي السورية الجنوبية لأن ذلك يضمن إمكانية محاسبة مسؤولين عن أي هجمات عبر الحدود ضد اسرائيل، والسؤال هو الى اي مدى يمكن للأسد الوقوف على رجليه، من دون الايرانيين، ومع مساعدة الروس؟

موسكو كررت مراراً لتل ابيب أنها قادرة على الامساك بالأسد وإبعاد الشبح الايراني عن حدود الاسرائيليين، لكن الضربة الاخيرة التي شنتها المقاتلات الاسرائيلية، ضد أهداف في محافظة حماة، على مقربة من القواعد العسكرية الروسية، يشي بأن الاسرائيليين لا يأخذون تعهدات الروس على محمل الجد، وان تل أبيب مستمرة في عملية الدفاع عن نفسها لوحدها عن طريق شن الهجمات المتكررة ضد أهداف تابعة لايران داخل سورية.

ويسعى بعض أصدقاء إسرائيل الى تحميل واشنطن بعض المسؤولية عن الفوضى في سورية ووصول الميليشيات المؤيدة لايران الى مناطق قريبة من الحدود الاسرائيلية، ويعتقد هؤلاء ان على الولايات المتحدة القيام بدور أكبر لمساعدة الاسرائيليين في هذا السياق، وعدم ترك تل أبيب تقوم لوحدها بعملية تعطيل قيام بنية عسكرية تحتية في سورية.

إذاً، هو «حزب الله» في سورية الذي يقلق الاسرائيليين. أما «حزب الله» في لبنان، فكل السيناريوات معروفة للطرفين، ولا يبدو أن أياً منهما ينوي تجريب حظوظه والانخراط في مواجهة عسكرية معروفة نتائجها من قبل الجانبين.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008