الجمعة، 22 سبتمبر 2017

الأزمة الخليجية... مفتوحة؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بدت تصريحات الرئيس دونالد ترامب، التي توقع فيها حلاً سريعاً للأزمة الخليجية، إبان لقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، الثلاثاء الماضي، كبقية تصريحاته المبالغ فيها والبعيدة عن الواقع، على غرار حديثه عن «الحائط الكبير» الذي ينوي تشييده على الحدود الجنوبية مع المكسيك، أو تهديده بإبادة كوريا الشمالية، أو إصراره على أن السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين سهل جداً وممكن في المستقبل القريب.

تقول المصادر الأوروبية في واشنطن إن «الاختراق الوحيد الذي كان ممكناً في جدار الأزمة الخليجية»، في الآونة الاخيرة، جاء أثناء زيارة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى العاصمة الأميركية، ولقائه ترامب في البيت الابيض. يومذاك، وفور خروج الوفد الكويتي من اللقاء، أجرى ترامب ثلاثة اتصالات مع أفرقاء الأزمة: الشيخ تميم، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.

وعقب اتصالات ترامب، أجرى أمير قطر اتصالاً مع ولي عهد السعودية، وبدت الأمور في طريقها إلى الحل، قبل أن يتلاشى التفاؤل في غضون ساعات، مع صدور موقف سعودي يعلن تعليق الحوار مع الدوحة حتى إشعار آخر اثر البيان الذي صدر من قطر.

منذ ذلك التاريخ، دأب مسؤولو الإدارة الأميركية على التعبير عن التفاؤل بقرب الحل، وحدّدوا اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك كموعد للانفراج الموعود، وقالوا إن ترامب كان ينوي رعاية لقاء بين الزعماء الخليجيين الثلاثة.

لكن مع انطلاق أعمال الجمعية العامة، بدأ يظهر أن الاميركيين يُمعنون في تفاؤل غير مبرر، فلا زعماء الدول المعنية كانوا في طريقهم إلى نيويورك، ولا الطواقم الديبلوماسية لهذه الدول كانت على اتصال لترتيب أي لقاء قمة مفاجئ.

وحده ترامب تمسك بالإصرار على الحل السريع، في غياب أي مؤشرات على وجود بوادر للحل.

تقول المصادر الأوروبية: «في تقديرنا أن القطريين أدركوا منذ اليوم الأول أن الأزمة ستكون طويلة الأمد، وتصرفوا على أساس ذلك، وأعادوا برمجة طرق تجارتهم، وصارحت القيادة القطريين بالتغييرات المقبلة». وتضيف المصادر ان واشنطن والعواصم الأوروبية تشاركت الرؤية ان الأزمة الخليجية ستطول، وقامت الحكومات الغربية بإصدار التعليمات لوزارات خارجيتها وأجهزتها المعنية بالتصرف على هذا الأساس. وما زالت الوكالات الغربية متمسكة بتقييمها.

وتتابع المصادر الأوروبية أن أمير قطر كان واضحاً في خطابه بالقول إن الدول المقاطعة لبلاده اعتقدت أن بإمكانها تحقيق نتائج فورية، وانه «بعد فشل الهجوم الأولي على الدوحة، عدّلت الرياض وأبو ظبي خطتها، وجعلتها حرباً بالاستنزاف، اعتقاداً منها أن قطر ستضعف مالياً وديبلوماسياً مع مرور الوقت».

على عكس كل التفاؤل الذي سربته المصادر الأميركية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لناحية ان الحدث سيكون موعداً لنهاية الأزمة الخليجية، لم تصدر أي مؤشرات في الأيام القليلة الماضية، لا علناً ولا في الكواليس، تشير إلى العمل على تسوية خليجية، بل إن المؤشرات الوحيدة التي صدرت تشير إلى إدراك الدوحة أن المواجهة مع مقاطعيها مستمرة حتى إشعار آخر، وهو ما تطلب مشاركة أميرها في الجمعية العامة، والإطلال دولياً، وتوثيق علاقاته مع الادارة الاميركية بإجراء محادثات مع رئيسها، في لقاء وصفته الادارة الاميركية بـ «الممتاز». وقالت المصادر ان اللقاء طال أكثر مما كان مقرراً له، وان «الكيمياء بين الرجلين كانت جيدة».

الأزمة الخليجية لا تتجه نحو تسوية قريباً، وما يزيد في تعقيد الأمور شخصية الرئيس الأميركي المتناقضة والمتقلبة وغير القابلة للتوقعات. أما مناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، ففرصة جديدة ضائعة تضاف إلى الفرص الكثيرة السابقة، التي ساهمت الكويت في توفير جزء لا بأس منها، من دون أن يستغلها المتخاصمون.

يذكّر الاوروبيون بما سبق ان نقلته «الراي» عن مصادر أميركية عندما حاولت واشنطن المساهمة في الوساطة خلال الأيام الأولى التي تلت اندلاع الأزمة. يومذاك قال الأميركيون إن واشنطن والكويت قد تقدمان حلولاً عدة للمتخاصمين لإنهاء الأزمة، لكن لا يمكنهما تحقيق اختراق من دون توافر النية لدى المتخاصمين أنفسهم.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008