| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
مع اتساع التحقيق الذي يقوده مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) السابق روبرت مولر، في شأن إمكانية تورط الرئيس دونالد ترامب ومساعديه مع مسؤولين روس أثناء الحملة الانتخابية ومنذ انتخاب ترامب رئيساً، يسود القلق أوساط الادارة الأميركية، التي يبدو أن العاملين فيها، وخصوصاً في البيت الأبيض، يسعون بجدية للخروج منها والعثور على وظائف بديلة.
وتظهر الأرقام أنه منذ تولي ترامب الحكم في يناير الماضي، استقال أو تم طرد 23 عاملاً في الفريق الرئاسي، منهم خمسة على الأقل ممن كانوا شغلوا أعلى مناصب ممكنة، مثل مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، ورئيس موظفي البيت الابيض رينس بريبس، ومستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، والناطق باسم البيت الابيض شون سبايسر.
ومن عادات العاصمة الأميركية أن يعمل الخبراء في البيت الأبيض، أو في مواقع حكومية أخرى لفترة ما، وهو ما يحسّن سيرتهم الذاتية بشكل كبير جداً، ويضعهم في موقع جيد لاقتناص وظائف في القطاع الخاص برواتب كبيرة. الا أن تجربة الموظفين السابقين في إدارة ترامب لا تعكس التقليد السائد، إذ لم توفّق غالبية الخارجين من الادارة في توقيع عقود وظيفية كبيرة، وذلك بسبب ما يعتقده البعض «سمعتهم التي تلطخت بسبب عملهم مع ترامب».
وبرز سبايسر كواحد من ضحايا «السمعة الملطخة»، إذ حاول اقتناص عقد كمحلل سياسي مع إحدى الشبكات الإعلامية الأميركية الكبيرة، على غرار ما فعل أسلافه، من دون أن يوفق في ذلك. حتى قناة «فوكس نيوز» اليمينية المتطرفة، والمحسوبة على الجمهوريين وترامب، رفضت توظيفه بحجة «انعدام مصداقيته». كما لم يوفق سبايسر في تحصيل عقود مع دور نشر لإصدار كتاب يروي فيه مذكراته أثناء عمله إلى جانب ترامب في البيت الابيض.
وما زاد في الطين بلة، بالنسبة لسبايسر، قيام فريق مولر بالطلب إليه تسليم مفكرته، التي كانت يحتفظ بها أثناء عمله في الفريق الرئاسي. كما طلب مولر من البيت الابيض تزويد فريق التحقيق بفحوى اتصالات كان الرئيس قام بها من الطائرة الرئاسية مع نجله، دونالد الابن، تلقى فيها نص بيان حول ما دار في لقاء جمع ترامب الابن ومدير حملة الرئيس الانتخابية السابق بول مانوفورت وصهر الرئيس جاريد كوشنر، مع مجموعة من القياديين الروس المقربين من الكرملين.
وجاء في البيان ان اللقاء تمحور حول حديث الروس عن إمكانية عودة السماح للأميركيين بتبني أطفال روس، ليتبيّن في ما بعد أن البيان كان كاذباً، وأن البريد الالكتروني المتداول لتنسيق اللقاء حمل عنوان «تزويد روسيا معلومات قذرة عن (المرشحة الديموقراطية للرئاسة هيلاري) كلينتون».
ويسعى مولر لمعرفة إن كان ترامب ساهم، بأي شكل من الاشكال، في عرقلة التحقيقات التي كانت تقوم بها الاجهزة الأميركية حول تورطه أو مساعديه مع مسؤولين روس في اختراق حسابات البريد الالكتروني التابع لقياديي حملة كلينتون الرئاسية. كما يعتقد بعض المتابعين أن لترامب علاقات مالية مع روسيا قد تجعله مديناً للكرملين، وهو ما يدفع مولر إلى محاولة تحديد ورسم العلاقة بين الرئيس الاميركي وموسكو، قبل انتخاب ترامب رئيساً وبعد دخوله البيت الابيض.
ويعتقد كثيرون أن قيام ترامب بطرد مدير «اف بي آي» السابق جيمس كومي جاء في سياق محاولة الرئيس عرقلة التحقيقات في فضيحة تورطه مع روسيا.
وفي خضم ما يكشفه الاعلام الاميركي بشكل شبه يومي حول «فضيحة روسيا»، سرت أنباء أن ترامب يسيطر على ما يقارب 70 مليون دولار من التبرعات التي جمعها من أجل حفل التسلم والتسليم الرئاسي، الذي أقامه في يناير الماضي. وبلغ حجم التبرعات يومذاك 107 ملايين دولار، فيما قدر الخبراء أن الحفل كلّف أقل من 40 مليون دولار. وكان ترامب وعد بإحالة الفائض الى الجمعيات الخيرية، على ما هو معتاد، لكنه لم يفعل ذلك.
وعلى الرغم من إطباق ترامب على المبلغ المذكور، الا أنه كلّف اللجنة المركزية للانتخابات في الحزب الجمهوري بتسديد أتعاب المحامين الذين عينهم للدفاع عنه وعن افراد عائلته في «فضيحة روسيا». كما ينفق ترامب على تكاليف المحامين من الأموال التي جمعها في إطار جمعية إعادة انتخابه رئيساً لولاية ثانية، فيما يعاني مساعدو ترامب، وفي طليعتهم نائب الرئيس مايك بنس والمطرود فلين، من شح في الاموال المطلوبة لتمويل عمل المحامين المدافعين عنهم في قضية التحقيقات الروسية، وهو ما حدا بـ «مكتب الاخلاق» في البيت الابيض بالسماح لهؤلاء بتقاضي الأموال من مانحين ومتبرعين لتمويل الدفاع عن أنفسهم.
صورة ترامب، المالية والقضائية، مهزوزة، باستثناء بين مؤيديه الأكثر تطرفاً، وهو واقع يبدو أنه يدفع الرئيس الاميركي الى محاولة الاستعانة بعنتريات في السياستين الخارجية والداخلية لإبقاء التأييد الشعبي له مرتفعاً، إذ إن أي لحظة يخسر فيها تأييده، يصبح مكشوفاً بالكامل أمام التحقيقات، وأمام كونغرس قد لا يهب لحمايته في حال تدنت شعبيته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق