حسين عبدالحسين
سمعت واشنطن من موسكو، نهاية الأسبوع الماضي، نية روسيا تجديد جهودها في اتجاه التوصل الى حل للأزمة السورية، وإعادة شن حملة ديبلوماسية دولية في هذا الاتجاه، بعدما فشلت في الماضي جهود مشابهة في السياق نفسه، على ان يقود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، هذه المرة، الجهود الروسية – الأميركية المبنية على اعتبار مكافحة الإرهاب داخل سوريا أولوية تتقدم على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وتتشارك الولايات المتحدة، التي زار مبعوثها المكلف الملف السوري الديبلوماسي مايك راتني موسكو الجمعة، رؤية روسيا تجاه الحل المزمع التوصل اليه لإنهاء الحرب السورية. ولطالما حاولت العاصمتان الدفع بهذا الاتجاه، كما بدا جليا في مؤتمر "جنيف 2"، و"حوارات القاهرة" التي سبقته، و"حوارات موسكو" التي تلته.
ويتشارك مع أميركا وروسيا رؤيتهما تجاه الحل السوري كل من الأردن، ومصر، والامارات. وكان زعماء هذه الدول المذكورة زاروا روسيا، والتقوا رئيسها فلاديمير بوتين، على مدى الأسبوع الماضي. ومما قاله الروس للأميركيين ان هؤلاء الشركاء العرب، أبدوا استعدادهم الكامل لتجديد المجهود للتوصل الى حل سوري، وان السيسي وعد بإطلاق حملة جديدة في هذا الاتجاه.
ويشبه التصور الأميركي – الروسي – المصري – الاماراتي – الأردني، للحل في سوريا، الحرب الاضطرارية، التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في التسعينات، ضد الانفصاليين الشيشان تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. كما يشبه تصور هذه العواصم للحل السوري ما يقوم به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حربه ضد الإرهاب في مصر، بما في ذلك اصدار احكام بالسجن، تصل الى عقود، بحق صحافيين معارضين للنظام، بعضهم معاد لتنظيم "الإخوان المسلمين" في الوقت نفسه.
وكما بوتين، كذلك السيسي، ساهم الرجلان بدعم الأسد سياسيا وعسكريا، وقام نظاميهما بتزويد الأسد بأسلحة وذخائر على مدى السنوات الأربع الماضية، ومازالا يقومان بذلك. وكما بوتين، الذي لا يكل من محاولة بناء قوة دولية لمكافحة الإرهاب يكون الأسد شريك فيها، كذلك سبق ان اوعز السيسي للجامعة العربية باقتراح تشكيل قوة عربية للتدخل في سوريا لإنهاء الحرب الدائرة فيها. وبعدما أبدت دولٌ عربية حماستها، اتضح ان اقتراح السيسي للتدخل في سوريا يتطابق مع الرؤية الأميركية القائلة بإن وجهة التدخل تكون فقط في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، من دون الدخول في أي مواجهة، حتى لو دفاعية، في وجه قوات الأسد وحلفائها التي قد تزحف على مناطق الثوار و"المعارضة المعتدلة".
أما السؤال الأبرز فهو حول السبب الذي يدفع الدول، التي تستميت على إبقاء الأسد في الحكم واعادة تأهيله دولياً، لتجديد جهودها بعدما فشلت جهود مشابهة مرات متعددة في الماضي.
وكما في الماضي، كذلك اليوم، يتسلح المعارضون السوريون سياسيا وعسكريا بدعم وازن من كل من قطر والسعودية وتركيا، وهو الدعم الذي سمح لهؤلاء المعارضين بالوقوف ضد سيناريوهات موسكو وواشنطن والقاهرة، وهي سيناريوهات تبدو وكأنها دعوة للثوار للقضاء على أنفسهم فيما هم يخوضون مواجهة على جبهتين، واحدة ضد الأسد وحلفائه وأخرى ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
لا إجابات واضحة داخل واشنطن حول سبب تجدد الجهود الروسية – المصرية – الإماراتية لإبقاء الأسد وادخاله في تحالف عسكري دولي مزعوم لمكافحة الارهاب. احد المسؤولين الاميركيين اجتهد، اثناء جلسة خاصة بالقول: "ربما نعرف ويعرفون ان المعارضة السورية وحلفاءها الإقليميين لن يتراجعوا عن شرط رحيل للأسد للمشاركة في تحالف ضد الإرهاب". وأضاف المسؤول: "لكن مع تمسك كل معسكر برؤيته للحل السوري، تنحصر التحركات الديبلوماسية في إعادة تكرار المواقف نفسها، الى ان يحدث تغيير يملي مواقف جديدة وربما يؤدي الى اختراق لإنهاء الحرب السورية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق