السبت، 7 يناير 2017

الوفد الروسي في الأمم المتحدة محرج ويتفادى الحديث حول سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

إيران «ترد الجميل» للروس وتظهر لهم أن من يحكم الجو ليس بالضرورة سيد الموقف على الأرضفي ظلّ خواء مكاتب الادارة الاميركية، استعدادا لتسليمها لفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب في أقلّ من أسبوعين، يكاد ينقطع الاتصال في شكل شبه تام بين وزارتي الخارجية الاميركية ونظيرتها الروسية، وهو ما يضع الاميركيين «في الظلام» حول الموضوع السوري. هكذا، انحصرت شؤون السياسة الخارجية في عمل الوفد الاميركي الدائم الى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث يبقي الاميركيون على اتصال مع نظرائهم الروس والاتراك، المتابعين عن كثب للشأن السوري، وكذلك مع الاوروبيين والوفود العربية.

وكانت روسيا وتركيا عرضتا تقديم «اعلان موسكو» حول سورية، الذي توصلت اليه الدولتان بمشاركة ايران، الى مجلس الأمن بهدف تثبيته وربما المصادقة عليه كقرار يصدر عن المجلس. ولم تلق روسيا حماسة اميركية او اوروبية لتحويل الاعلان الى قرار في مجلس الأمن، لا لأن الوفود الغربية تعارض نص الاعلان، بل لاعتقاد العواصم الغربية ان اعلان موسكو لا يختلف عن القرارات السابقة الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص سورية.

ويقول مراقبون في الأمم المتحدة، انه لطالما حمّلت موسكو واشنطن وحلفاءها مسؤولية انهيار القرارات الماضية، لا بسبب ازمة في النصوص، بل لاعتقاد روسيا ان الولايات المتحدة وحلفاءها لا تلتزم بنود القرار، ولا تلزم المجموعات المسلحة السورية التابعة لها بمضمونه، وهو ما ادى لانهيار اتفاقيات الهدنة المتعددة التي اعلنتها موسكو وواشنطن في الماضي.

هذه المرة، اميركا والعواصم الغربية خارج اللعبة السورية، وهو ما هللت له روسيا بتقديمها «اعلان موسكو» على انه خلاص السوريين، ليتضح ان المشكلة الكبرى تكمن في ان حلفاء روسيا، اي الميليشيات التابعة لايران والرئيس السوري بشار الأسد، لا يلتزمون بما تلتزم به موسكو امام واشنطن او انقرة او المجتمع الدولي عموما.

ويقول احد المتابعين للتطورات في الأمم المتحدة انه «من بعيد، يبدو ان روسيا وايران والأسد حلفاء، ولكن الناظر عن قرب يلاحظ انهم ليسوا حلفاء، بل هم يطلقون النار في الاتجاه نفسه فحسب، وعندما يتوقف احد الحلفاء عن اطلاق النار، لا يلزم ذلك الافرقاء المتحالفين بالهدنة نفسها».

وتتابع مصادر الأمم المتحدة ان الوفد الروسي لقي دعما كبيرا من الاميركيين والأوروبيين ابان اعلان الهدنة بالاشتراك مع تركيا. ثم على اثر تواتر التقارير عن الاختراقات المتواصلة التي قامت بها قوات الأسد ضد مواقع المعارضة السورية المسلحة، عمدت بعض العواصم الى الاتصال بالروس للاستفسار عن سبب مواصلة قوات الأسد و«حزب الله» اللبناني حملتهم العسكرية ضد المعارضين، خصوصا في ضواحي العاصمة دمشق.

«ترواح رد الروس بين نفي حصول خروقات للهدنة وبين تفادي الاجابة عن اتصالات الاميركيين والأوروبيين بخصوص سورية»، تضيف المصادر في نيويورك.

ويبدو ان تفادي الروس الاجابة عن تساؤلات العواصم العالمية حول فشل الهدنة التي اعلنتها موسكو في سورية مرده الى ان انهيار الهدنة يقوض ما دأب على قوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مدى العامين الماضيين. فبوتين اعتبر مرارا ان الحرب السورية تتوقف فور اجبار القوى العالمية والاقليمية حلفاءها على الارض السورية بالتوقف عن القتال، واستمرار المعارك على رغم التزام المعارضة السورية - بالتنسيق مع تركيا - بالتوقف عن اطلاق النار، ينسف نظرية بوتين ويظهر ان لا مقدرة لموسكو على الزام قوات الأسد والميليشيات الموالية لايران على التوقف عن القتال في سورية والالتزام بالهدنة الروسية - التركية.

ويذكّر المتابعون انه سبق لايران ان ابدت امتعاضها عندما قامت قواتها بهجمات في الماضي ضد مواقع تابعة للمعارضين، وطلبت من الروس مساندة جوية، الا ان الروس رفضوا تقديم المساندة بسبب حساباتهم على الارض السورية. اليوم، يبدو ان ايران «ترد الجميل» للروس، وتظهر لهم ان من يحكم الجو ليس بالضرورة سيد الموقف على الارض.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008