| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
فيما احتار المراقبون الدوليون في تفسير غياب الولايات المتحدة عن مؤتمر استانة المخصص للأزمة السورية، وفيما اعتبر بعضهم ان الغياب الاميركي سببه عداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره السابق باراك أوباما، وفيما اعتبر البعض الآخر ان التصريحات الايرانية الرافضة مشاركة واشنطن هي التي أدت الى هذا الغياب، كان سبب الغياب الاميركي عن المؤتمر المخصص لسورية، في الغالب، هو شغور منصب وزير خارجية في الولايات المتحدة للمرة الاولى منذ عقود.
وكانت واشنطن أعلنت ان سفيرها في كازاخستان جورج كرول سيمثلها في لقاء أستانة، الذي رعته تركيا وروسيا وايران، وشاركت فيه الأمم المتحدة. ويستعد الاطراف السوريون والدوليون للقاء ثان ينعقد في جنيف، في الثامن من المقبل، ومن غير الواضح ان كانت أميركا سترسل ديبلوماسيين أعلى تمثيلا من مستوى سفير.
وشارك السفير كرول في لقاءات استانة بصفة مراقب، فهو غير معني او متخصص بالشأن السوري، وهو ركز اهتمامه على نقل مجريات احداث المؤتمر وما جرى خلف الكواليس الى وزارة الخارجية في واشنطن. لكن الخارجية الاميركية تمر في مرحلة من انعدام التوازن منذ خروج الوزير السابق جون كيري منها مساء 19 الجاري، ومعه وقبله خرج عدد كبير من الكوادر الديبلوماسية، المعينين سياسيا اولا، ثم مجموعة من الديبلوماسيين المحترفين ممن استقالوا من السلك رفضا للعمل في ادارة الرئيس دونالد ترامب.
ومنذ نهاية صلاحية ادارة الرئيس باراك أوباما، تسلم وكيل وزير الخارجية الديبلوماسي توماس شانون منصب وزير خارجية بالوكالة لتسيير أمور المؤسسة والبعثات الاميركية المنتشرة حول العالم. ولكن شانون لا توجيهات لديه حول السياسة الخارجية الواجب اتباعها في زمن الرئيس ترامب، وهو ما جعله يطلب من السفير كرول حضور مؤتمر أستانة من باب «تسجيل الحضور» الاميركي، ومتابعة الديبلوماسية التي تقوم بها عواصم العالم لانهاء الحرب السورية.
كذلك يعاني شانون، وعموم العاملين في الخارجية الاميركية، من غياب المرجعية، فالفريق الانتقالي للرئيس ترامب كان من اكثر الفرق كسلا وتلكؤا في التاريخ الاميركي، وهو ما أدى الى دخول ترامب البيت الابيض والى جانبه وزيران فقط صادق الكونغرس على تعيينهما لحساسية مركزيهما امنيا: وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الأمن القومي جون كيلي. وأول من أمس، صادق الكونغرس على تعيين دون بومبيو مديرا لـ «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي).
اما وزير الخارجية المعين ريكس تيليرسون، فهو حاز على تصويت 11 مقابل 10 في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، فانتقلت عملية تعيينه الى المرحلة الثانية التي تتطلب المصادقة عليها امام مجلس الشيوخ مجتمعا، وهو ما يتوقع حصوله مع حلول الاسبوع المقبل.
وحتى يتسلم تيليرسون منصبه، وحتى يتسنى له الاطلاع على الملفات التي سيجدها متراكمة على مكتبه، وحتى يكتمل «فريق الأمن القومي» للرئيس ترامب ويلتئم ويضع سياسات خارجية وداخلية ومالية، سيمر بعض الوقت والولايات المتحدة فاقدة توازنها داخليا ودوليا، مع العلم ان لا ضمانات ان الادارة الاميركية الجديدة سترى في الملف السوري امرا يتطلب اهتمامها، وممكن انها ستعهد به الى حلفائها، روسيا وتركيا، حتى يتسنى لواشنطن التفرغ لامور يعتقدها ترامب وفريقه اكثر اهمية، مثل العلاقة مع روسيا وتركيا نفسيهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق