| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
لفت خبراء شؤون الاستخبارات الغربيين ان طهران تنفذ خطة «زيادة قوات» خاصة بها في كل من سورية والعراق، وذلك عبر الاتصال بزعماء العشائر السنية، وعقد تحالفات معهم، وتمويل زعاماتهم وميليشياتهم الخاصة، على شرط ولائهم للجمهورية الاسلامية.
وتناقل الخبراء تقارير تفيد ان ايران تقوم منذ فترة بالاتصال بأشخاص من كبرى القبائل في الانبار العراقية والبادية السورية، وفي طليعتها البكارة والجحيش والدليم والمحامدة. وتعمل ايران على اغداق الإغراءات المالية على شيوخ العشائر، كما وعدت بتسليح وتدريب مقاتليهم.
والاتصال مع العشائر هي الخطوة التي اقدمت عليها واشنطن بعد زيادة عدد قواتها في العراق في العام 2007، حيث أسست العشائر العراقية ما أطلقت عليه اسم «قوات الصحوة»، ولعبت هذه الاخيرة دورا محوريا في السيطرة على الاراضي التي استعادتها القوات الاميركية من عناصر ارهابية.
وتأسيس تحالفات مع العشائر يشي، حسب الخبراء، ان ايران انتقلت الى المرحلة الثانية التي تقتضي «المحافظة» على الارض بعد استعادتها. وكانت ايران، في المرحلة الاولى، دفعت بميليشيات شيعية موالية لها، لبنانية وعراقية وأفغانية، لاستعادة اراض في العراق وسورية.
ويلّي استعادة الارض محاولة المحافظة عليها، فَلَو أبقى الاميركيون جيشهم الغريب عن المنطقة وسكانها، لأصبح جيش احتلال وتعرض لعمليات عنف وانتقام. كذلك الأمر، يبدو ان ايران تدرك ان ابقاء ميليشيات شيعية موالية لها للسيطرة على اراض تسكنها غالبية سنية سيكون بمثابة احتلال، وهو ما دفع طهران الى تكرار التجربة الاميركية بمصادقة عشائر والتحالف معها، فتقوم الاخيرة بإمساك الارض لمصلحة الايرانيين.
ويلفت الخبراء الى ان انفتاح طهران على العشائر السنية غرب العراق وشرق سورية يأتي في وقت تخلت عن بعض هؤلاء العشائر عواصم عربية كانت تدعم العشائر حتى الأمس القريب. ويقول الخبراء انه على اثر اندلاع الثورة السورية، فرّ زعماء العشائر من المقربين من عواصم عربية الى تلك العواصم، ومازالوا يقيمون فيها، فيما انضم بعضهم الآخر الى التنظيمات السورية المعارضة، ولعبوا ادوارا سياسية ما لبثت ان تراجعت فيما بعد. وفي العام 2012، فرّ زعماء من العشائر العراقية ممن لم تنجح في تصفيتهم او اعتقالهم القوات الحكومية العراقية بتهم متنوعة.
ويدلل متابعو سياسات العشائر على تراجع العواصم العربية عن دعم بعض حلفائها بالاشارة الى لبنان، ويعتبرون ان الانفراج السياسي في بيروت، الذي أفضى انتخاب رئيس جمهورية بعد سنتين من شغور المنصب، وأدى الى عودة رئيس الحكومة الى منصبه بعد سنوات من المنفى، كلها مؤشرات ان «طهران اصبحت في مرحلة البحث عن اصدقاء لادارة المناطق التي سيطرت عليها في كل من لبنان وسورية والعراق».
وكان رئيس اركان الجيش الاميركي السابق الجنرال مارتن ديمبسي قدم للكونغرس خطة إلحاق الهزيمة بتنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق بوصفها خطة على مرحلتين: الاولى مبنية على ضربات جوية اميركية مكثفة، والثانية مبنية على اعادة تشكيل «قوات الصحوات العراقية» والتعاون مع البيشمركة الكردية. الا ان ايران، حسب المصادر الاميركية، أوعزت الى رئيس حكومة العراق حيدر العبادي برفض قيام اي اتصال مباشر بين الاميركيين والعشائر السنية. كما رفضت ايران السماح لاميركا والمانيا بتسليح البيشمركة مباشرة من دون الحكومة العراقية. وأصر العبادي على حصر اي اتصال بين البيشمركة او العشائر السنية بالحكومة العراقية، التي كان يبدو جليا انها لا تسيطر حتى على الميليشيات الشيعية المحسوبة عليها والمعروفة بميليشيات «الحشد الشعبي».
ويرى البعض ان من العوامل التي ساعدت طهران على المضي في مشروع سيطرتها على الاراضي التي اجتاحتها الميليشيات الموالية لها، افراج ادارة الرئيس باراك أوباما عن مئات مليارات الدولارات من الاموال الايرانية المجمدة كجزء من التوصل لاتفاقية نووية مع ايران. ويلفت الخبراء الى ان «سبب تجميد الاموال الايرانية كان في الغالب قيام نظام الجمهورية الاسلامية بتمويل ميليشيات عنفية حول العالم، لا بسبب نشاطاتها النووية». اما الافراج عن هذه الاموال، فتم ربطه بالنووي، ولم يتم الطلب من ايران تفكيك امبراطورية المجموعات المسلحة التي تديرها.
وفي وقت ينقسم الاميركيون حول جدوى تسلم ايران منطقة الشرق الاوسط على اثر الانسحاب الاميركي منها، لا بد من التذكير انه عندما حاول معارضون سوريون اقناع جون كيري بأن طرد كل «المجموعات الارهابية» من سورية يجب ان يتضمن اخراج الميليشيات الموالية لايران من الاراضي السورية، اجاب وزير الخارجية الاميركي ان «حزب الله لا يستهدفنا، لذا هو لا يشكل خطر علينا مثل المجموعات الارهابية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق