| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
أظهرت آخر بيانات زوار البيت الأبيض أن المفاوض النووي الايراني السابق السيد حسين موسويان دخل البيت الأبيض ثلاث مرات، والتقى كبار المسؤولين فيه، في الفترة السابقة لتوقيع الاتفاقية النووية بين ايران والمجتمع الدولي. وسبق لموسويان ان عمل مفاوضاً حتى العام 2005، قبل ان ينتقل إلى الولايات المتحدة، حيث يعمل كأكاديمي زائر في جامعة برنستون المرموقة.
كذلك اظهرت بيانات الزوار ان في فترة المفاوضات مع ايران، زار تريتا بارسي، رئيس «المجلس القومي الايراني ـ الاميركي»، البيت الابيض 33 مرة، والتقى كبار المسؤولين الأميركيين في ادارة الرئيس السابق باراك أوباما. وكانت محكمة أميركية كشفت عن صداقة وطيدة بين بارسي ووزير الخارجية الايراني جواد ظريف، عندما كان الأخير يعمل موفداً دائماً لبلاده في الأمم المتحدة في نيويورك.
لكن على قول المثل العربي، «لكل زمن دولة ورجال». خرجت ادارة أوباما من الحكم، وخرج معها اصدقاؤها الايرانيون من مؤيدي نظام الجمهورية الاسلامية. وكان اللوبي الايراني في الولايات المتحدة جمع تبرعات، ونظم صفوف ناخبيه، دعماً للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وهو ما اكسب هذا اللوبي المزيد من العداء مع ادارة الرئيس الجديد دونالد ترامب.
محل اصدقاء ايران في البيت الابيض حلّ ناشطو «مجاهدين خلق»، المجموعة الايرانية المعارضة التي تصنفها طهران على انها ارهابية، والتي رفعتها الولايات المتحدة عن اللائحة الأميركية للتنظيمات الارهابية في سبتمبر 2012. وجاء رفع المجموعة عن اللائحة بعد مجهود كبير قام به اعضاؤها ومؤيدوها، الذين تظاهروا امام البيت الابيض بشكل دوري على مدى سنوات، كما تظاهروا امام «مكتب تمثيل مصالح الجمهورية الاسلامية»، في واشنطن، وحضروا وهم يرتدون قمصانا كتبوا عليها شعاراتهم في جلسات الاستماع الكثيرة التي خصصها الكونغرس لإيران.
وإلى نشاطهم الميداني، انفق اعضاء «مجاهدين خلق» أموالاً طائلة على شراء النفوذ داخل العاصمة الأميركية، وتعاقدوا مع شركة محاماة «دي ال آي بايبر»، التي «اشترت» لهم سياسيين أميركيين ممن شاركوا في نشاطات «مجاهدين خلق» في الولايات المتحدة وفرنسا، وادلى السياسيون الأميركيون بخطابات تقاضوا ثمنها. اما ابرز من عملوا، بأجر، لمصلحة «مجاهدين خلق»، ولمصلحة رفع المنظمة عن لائحة التنظيمات الارهابية ولحض أميركا واوروبا على استقبال ثلاثة آلاف من «مجاهدين خلق» ممن كانوا في مخيم بالعراق تحت رحمة اصدقاء ايران، فكان عمدة مدينة نيويورك السابق واحد ابرز اركان حملة ترامب الرئاسية رودي جولياني.
ومع ان جولياني لم يفز بمنصب وزير خارجية، الذي منى نفسه به، الا ان لعمدة نيويورك السابق نفوذاً واسعاً لدى الدائرة الضيقة المحيطة بترامب، وهو ما يمنح اصدقاء جولياني، أي «مجاهدين خلق»، نفوذاً لدى اسياد البيت الابيض الجدد.
ويترافق صعود «خلق» ونيلها الحظوة لدى ترامب مع عداء الرئيس الأميركي ومستشاره للأمن القومي الجنرال مايكل فلين للاسلام السياسي بكل اشكاله، حكومات، مثل في ايران، أو تنظيمات، مثل «الدولة الاسلامية» (داعش).
ويغدق مقربون من جولياني، وعاملون في فريق ترامب، ومجموعة من اصدقاء اسرائيل، المديح على «مجاهدين خلق»، ويقولون انها لعبت دوراً محورياً في الكشف عن برنامج ايران النووي، وانها كانت من اول من لفت نظر الاستخبارات الغربية إلى منشأة فردو النووية الايرانية المحصنة، والتي كانت ايران بنتها سراً، قرب مدينة قم، ولم تعلن عنها، إلى ان افتضح امرها المجتمع الدولي، واعلن عن وجودها الرئيس السابق أوباما.
هكذا، انتقلت الحظوة داخل البيت الابيض من لوبي طهران في واشنطن، في زمن الرئيس السابق أوباما، إلى «مجاهدين خلق»، في زمن الرئيس الحالي دونالد ترامب. والحال هذه، يصبح مفهوماً ان ادارة أوباما كادت تخرج عن طورها بهدف اشراك ايران في المؤتمرات الدولية المخصصة لسورية، على مدى السنوات الماضية، فيما اقتنصت ايران أول فرصة متاحة لها لتعبرعن رفضها مشاركة أميركا ترامب في مؤتمر أستانة، الذي انعقد هذا الاسبوع وتم تخصيصه لمناقشة الأزمة السورية.
بين أميركا وايران اعادة اصطفاف سياسي جذري، وهي اعادة اصطفاف ممكن للمراقب ان يراها في العاصمة الأميركية، وان يقرأ التغييرات في اسماء زوار البيت الابيض من الايرانيين.
على ان أوباما كان اول رئيس يعلن كشف بيانات الزوار للعلن، من باب تمسكه بالشفافية، فيما مع الرئيس ترامب، قد لا يستمر هذا التقليد، وقد يتطلب معرفة أي ايراني زار أي مسؤول في البيت الابيض بعض التحريات، أو على قول المثل الأميركي السائد ان «لا شيء يخفى في واشنطن».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق