| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في مؤشر على مدى التخبط الذي يعيشه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ تسلمه الحكم في يناير الماضي، أعلن البيت الأبيض استقالة مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، اليميني المتطرف الذي أثار تعيينه مديراً لحملة ترامب الرئاسية، ومستشاراً رئاسياً في ما بعد، الكثير من الجدل في صفوف الأميركيين، بمن فيهم الجمهوريون داخل حزب ترامب.
ومع خروج بانون من البيت الابيض، يكون ترامب طرد، خلال نحو سبعة أشهر، أول ثلاثة قام بتعيينهم منذ أصبح رئيساً، بعد إجباره، في أوقات سابقة، كلاً من مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين ورئيس موظفي البيت الابيض رينس بريبس على الاستقالة.
ورغم أن خروج بانون بدا وكأنه بسبب ورطة ترامب وتصريحاته على إثر أحداث شارلوتسفيل، التي شهدت صدامات بين «نازيين جدد» ومعارضين لهم، إلا أن الأنباء المتواترة من داخل البيت الابيض أشارت الى أن عملية خروج كبير مستشاري الرئيس بدأت قبل أحداث شارلوتسفيل، وان بانون وضع استقالته بتصرف ترامب منذ 7 أغسطس الجاري، وأن رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي هو من طلب استقالة بانون، كجزء من محاولته إعادة ترتيب فريق ترامب.
كذلك، تواترت أنباء مفادها أن ترامب يبدي امتعاضه من بانون منذ فترة، إذ كرر أمام مقربين منه أن بانون يقف خلف التسريبات، التي يعمل ترامب وكيلي على وقفها، خصوصاً أن بانون كان يعمل في الماضي مديراً تنفيذياً لموقع «برايتبارت» اليميني المتطرف. وما يؤكد أنباء ان استقالة بانون كانت معدة سلفاً قبل إعلانها هي المقابلات الاربع التي أدلى بها بانون في الايام الثلاثة الاخيرة، في محاولة بدت بمثابة كتابته لوصيته السياسية قبل خروجه من الحكم ودائرة الاضواء.
وفور شيوع خبر خروج بانون من البيت الابيض، غرّد جول بولاك، أحد كبار الصحافيين العاملين في «برايتبارت» بكلمة واحدة هي «حرب»، ما يؤشر على أن طرد بانون سيؤدي إلى مواجهة بين الرئيس الاميركي والــقاعدة الشعبية اليمينية المتطــرفة، التي تـــــتبع بانون.
ونشر بولاك مقالة شبّه فيها ترامب بمحافظ كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر، وقال ان الرجلين جاءا من عالم الشهرة الى السياسة من دون خبرة، وأن الحركة اليمينية المحافظة كانت تأمل أن يقوم كل منهما بتنفيذ أجندة يمينية ثورية واعدة بالقضاء على الفساد وعلى المؤسسة الحاكمة، إلا أن الأخيرة تصدت - بمساعدة الاعلام الاميركي - لكل منهما، فتراجع حاكم كاليفورنيا السابق وتبنى برنامجاً ليبيرالياً بدلاً من وعوده اليمينية.
وقال بولاك إن قاعدة ترامب صبرت عليه حتى الآن، وهي بالانتظار لترى إن كان سيلتزم بتنفيذ وعوده لليمين المتطرف، أم أن طرد بانون يعني انقلاب ترامب نحو الوسط واليسار والمؤسسة الحاكمة، وهو ما يوجب على القاعدة اليمينية إذ ذاك القيام بانتفاضة على ترامب.
وتعزو غالبية المراقبين أكثر قرارات ترامب تطرفاً، مثل محاولته فرض «حظر سفر» على المسلمين، وانسحابه من اتفاقية باريس حول المناخ واتفاقية «الشراكة عبر الهادئ»، الى تأثير بانون عليه. على ان السؤال، بعد خروج بانون، هو هل سيبقى ترامب «ترامباً»؟ أم أنه سيتغير ويصبح أكثر حكمة وهدوءاً مع خروج أحد اكثر المستشارين المتطرفين من فريقه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق